للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال: «نحن نعطيه من عندنا»، فهذا حكم هدي التطوع إذا أعطب في طريق، فإذا فعل ذلك فليس عليه بدله؛ لأن التطوع لم يتعلق بذمته وقد فعل فيها ما أمر به».

وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٤/ ٢٥٣): «أما الهدي التطوع: إذا بلغ محله فلا خلاف بين العلماء في أنه يأكل منه صاحبه إن شاء كسائر الناس، لأنه في حكم الضحايا، وإنما اختلفوا فيمن أكل من الهدي الواجب أو أكل من الهدي التطوع قبل أن يبلغ محله.

فكان مالك والأوزاعي والشافعي يقولون في الهدي التطوع يعطب قبل محله: أن على صاحبه أن يخلي بينه وبين الناس يأكلونه، ولا يأمر أحداً يأكل منه فقيراً ولا غنياً، لا يتصدق ولا يطعم وحسبه والتخلية بينه وبين الناس.

وكذلك قال أبو حنيفة، إلا أنه قال: يتصدق به أفضل من أن يتركه للسباع فتأكله.

وأما ما يضمن الأكل من الهدي الذي لا يجب له أن يأكل منه؛ قد اختلف فيه أيضاً: فكان مالك يقول: إن أكل منه أبدله كله.

وروى ابن وهب، عن الليث بن سعد، في الذي يأكل من هدي ليس له أن يأكل منه، قال: أرى أن يتصدق بقدر ما أكل طعاماً يطعمه المساكين، ولا أرى عليه غير بدله.

قال ابن وهب: خالفه مالك، فقال: إن أكل منه شيئاً ولو نصفه وآخره أبدله كله. وبه يأخذ ابن وهب.

وكذلك قال ابن القاسم، عن مالك: إن أكل منه فعليه بدله كله، كان الذي أكل منه قليلاً أو كثيراً.

قال ابن القاسم: إن أكل من الهدي الذي نذر للمساكين فعليه أن يطعم قيمة ما أكل للمساكين، ولا يكون عليه البدل.

وقال ابن حبيب: إن أكل مما لا يجب أن يأكل منه فعليه ثمن ما أكل طعاماً يتصدق به. وهو قول الثوري وأبي حنيفة والشافعي وأبي ثور، وأحمد، وإسحاق.

وروي عن علي بن أبي طالب، وابن مسعود وابن عباس في الهدي يعطب قبل محله: أن صاحبه إن أكل منه أو أمر غرم.

وعن ابن المسيب وجماعة من التابعين مثل ذلك، إلا أنهم ليس عندهم تفسير ما يغرم ما أكل أو أتلف.

وقالت طائفة منهم: عطاء والزهري: إن عليه البدل إن فعل شيئاً من ذلك، ومن

قال: عليه البدل؛ أوجب عليه غرم الجميع.

وعلى هذين القولين اختلاف الفقهاء على ما قدمنا.

واختلفوا في الهدي الذي يؤكل منه:

فقال مالك: يؤكل من كل الهدي إلا جزاء الصيد، ونذر المساكين، وفدية الأذى، وهدي التطوع الذي يعطب في الطريق قبل أن يبلغ محله.

<<  <  ج: ص:  >  >>