للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ورواه شيبان، عن ليث، عن شهر، قال: حدثني الأنصاري صاحب بدن النبي .

والذي يظهر لي - والله أعلم - أنه لا مدخل لتوهيم شهر بن حوشب، في هذا الحديث، وإنما هو اضطراب من ليث بن أبي سليم، حيث لم يضبط صحابي هذا الحديث، وقد تفرد فيه بصحابي لا تعرف له ترجمة إلا بهذا الحديث، وهو: عمرو بن خارجة الثمالي، وهذا من دلائل وهمه وقلة ضبطه، وأنه قد حدث به بعد اختلاطه، إلا أنه ممن يكتب حديثه، ولا يطرح، فقد كان عالما واسع الرواية، وقال الفضيل بن عياض: «كان ليث أعلم أهل الكوفة بالمناسك»، وهذا منها، فإنه وإن كان وهم في إسناد الحديث، ولم يضبط صحابيه، إلا أنه قد توبع على متن هذا الحديث وقصته، ولم يأت فيه بما ينكر: قال ليث في رواية شيبان عنه: «انحرها، ثم اصبغ نعلها في دمها، ثم ضعها على صفحتها» أو: «على جنبها، ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك».

وفي رواية شريك: «إذا عطب شيء منها فانحره، ثم اضرب نعله في دمه، ثم اضرب به صفحته، ولا تأكل أنت ولا أهل رفقتك، وخل بينه وبين الناس».

وهذا حديث معروف من حديث ناجية بن جندب، ومن حديث ابن عباس:

فقد روى هشام بن عروة، عن أبيه، عن ناجية - صاحب بدن رسول الله ؛ أنه قال: يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من البدن؟ فقال: «انحره، ثم اغمس قلائده في دمه، ثم اضرب بها صفحته، ثم خل بينه وبين الناس». [وهو حديث صحيح، تقدم برقم ١٧٦٢]

وروى أبو التياح، عن موسى بن سلمة، عن ابن عباس قال: بعث رسول الله فلانا الأسلمي، وبعث معه بثمان عشرة بدنة، فقال: أرأيت إن أزحف علي منها شيء؟ قال: «تنحرها، ثم تصبغ نعلها في دمها، ثم اضربها على صفحتها، ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك».

وفي رواية: «انحرها، ثم اصبغ نعلها في دمها، ثم اجعلها على صفحتها، ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك». [أخرجه مسلم (٣٧٧/ ١٣٢٥)، وهو حديث الباب].

فتبين بذلك أن ليثا قد حفظ المتن، فيصير شاهدا لحديث ابن عباس، وحديث ناجية، لاسيما وقد قال الدارقطني لما سئل عن ليث: «صاحب سنة، يخرج حديثه؛ إنما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاووس ومجاهد حسب»، ووصفه جماعة بأنه صدوق؛ على ضعف في حفظه [التهذيب (١١/ ٢٢٠ - ط دار البر)].

وأما شهر بن حوشب: فهو حسن الحديث إذا لم يخالف، ولم ينفرد بأصل وسنة، أو لم يختلف عليه في الإسناد والمتن بحيث يستدل بذلك على حفظه للحديث [انظر في شهر بن حوشب ما تقدم من أحاديث برقم (٤٤ و ٤٥ و ١٣٤ و ٦٧٧) وغيرها. علل ابن أبي حاتم (٢/ ١٩٤٠/ ١٤٨)].

فهو حديث حسن في الشواهد، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>