قال ابن قدامة في المغني (٥/ ٤٣٧ - ٤٤١): «مسألة: قال: وإن كان ساقه تطوعا، نحره في موضعه، وخلى بينه وبين المساكين، ولم يأكل منه هو ولا أحد من أهل رفقته، ولا بدل عليه، ثم قال في الرد على ابن عبد البر: ولنا: ما روى ابن عباس؛ أن ذؤيبا أبا قبيصة حدثه أن رسول الله ﷺ كان يبعث معه البدن، ثم يقول: «إن عطب منها شيء، فخشيت عليها، فانحرها، ثم اغمس نعلها في دمها، ثم اضرب به صفحته، ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك». رواه مسلم. وفي لفظ رواه الإمام أحمد:«ويخليها والناس، ولا يأكل منها هو ولا أحد من أصحابه … .»، ثم احتج بحديث ابن علية عن أبي التياح، عن موسى بن سلمة، عن ابن عباس مرفوعا، وفيه:«ولا تأكل أنت ولا أحد من أهل رفقتك»[أخرجه مسلم]، ثم قال: وهذا صحيح متضمن للزيادة، ومعنى خاص، فيجب تقديمه على عموم ما خالفه، ولا تصح التسوية بين رفقته وبين سائر الناس؛ لأن الإنسان يشفق على رفقته، ويحب التوسعة عليهم، وربما وسع عليهم من مؤنته.
وإنما منع السائق ورفقته من الأكل منها؛ لئلا يقصر في حفظها، فيعطبها ليأكل هو ورفقته منها، فتلحقه التهمة في عطبها لنفسه ورفقته، فحرموها لذلك».
وفي الباب أيضا:
١ - حديث سلمة بن المحبق:
• رواه هشام بن يوسف الصنعاني [ثقة متقن، قدمه بعض الأئمة على عبد الرزاق في ابن جريج، قال يحيى بن معين: كان هشام بن يوسف أثبت من عبد الرزاق في حديث ابن جريج. راجع ترجمته في فضل الرحيم (١٠/ ٤٣٧/ ٩٩٢)]، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل [ثقة ثبت، من أصحاب ابن جريج المكثرين عنه، قال الدارقطني:«حسن الرواية عنه»، يعني: عن ابن جريج، وقدمه فيه، وهو مكي تحول إلى البصرة. التقريب (٤٥٩). سؤالات ابن بكير (٥٤). شرح علل الترمذي (٢٧٢)]، ومحمد بن بكر البرساني [ثقة، من أصحاب ابن جريج، وشعيب بن إسحاق بصري ثم دمشقي، ثقة]، وعثمان بن الهيثم بن الجهم العبدي المؤذن [ثقة]:
أخبرنا ابن جريج: أخبرني عبد الكريم بن أبي المخارق، عن معاذ بن سعوة الراسبي [من قيس عيلان]، عن سنان بن سلمة الهذلي، عن أبيه سلمة بن المحبق، وكان قد صحب النبي ﷺ، عن النبي ﷺ؛ أنه بعث ببدنتين مع رجل، وقال:«إن عرض لهما فانحرهما، واغمس النعل في دمائهما، ثم اضرب به صفحتيهما، حتى يعلم أنهما بدنتان»، قال: صفحتي كل واحدة، قال:«ولا تأكل منها أنت ولا أحد من رفقتك، ودعها لمن بعدكم». لفظ ابن بكر [عند أحمد، وبنحوه عن أبي يعلى].
ولفظ هشام بن يوسف [عند الطبراني]: عن سنان بن سلمة الهذلي، عن أبيه - كان
قد صحب النبي ﷺ، عن النبي ﷺ أنه بعث ببدنتين مع رجل، فقال:«أشعرهما من
منحرهما، ثم اغمز النعل في دمائهما، ثم اضرب بها صفحتهما، حتى يعلم أنهما بدنتان».