وقال ابن القيسراني في الجمع بين رجال الصحيحين (١/ ٢٠٥): «وهذا حديث معلول من وجوه: أحدها: رواية جرير بن حازم عن قتادة عن أنس عن النبي ﷺ.
والثاني: رواية همام، عن قتادة، عن سنان مرسلا، لم يذكر ابن عباس. والثالث - وهو المعتمد في علم الحديث -: قول يحيى بن سعيد القطان ويحيى بن معين: أن قتادة لم يسمع من سنان حديث البدن، وهذا الحديث أصح من طريق حماد بن سلمة، عن أبي التياح، عن موسى بن سلمة أخي سنان بن سلمة عن ابن عباس، والله أعلم».
قلت: بل حديث أبي التياح عن موسى بن سلمة عن ابن عباس: أصح من حديث قتادة، وقد اشتهر عن أبي التياح، رواه عنه: حماد بن زيد، وإسماعيل بن علية، وعبد الوارث بن سعيد، وحماد بن سلمة.
ثم إن حديث جرير بن حازم عن قتادة عن أنس: قد اتفق النقاد؛ أبو حاتم، والدارقطني، وابن منده، على أنه وهم من جرير بن حازم، وقد سبق بيانه، وأما حديث همام؛ فقد قصر به فأرسله، وسعيد بن أبي عروبة: هو أثبت من روى هذا الحديث عن قتادة، وأقام إسناده، وتابعه على إسناده: معمر بن راشد، وقولهما: هو المحفوظ، وأما عدم سماع قتادة من سنان، فإنه ينجبر بحديث أبي التياح عن موسى بن سلمة عن ابن عباس، فهو حديث محفوظ، وليس بمعلول؛ كما ادعى ابن القيسراني، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
* قال ابن عبد البر في التمهيد (٢٢/ ٢٦٦): «وأما حديث ابن عباس: فاختلف فيه عنه، فطائفة روت عنه ما يدل على أن ناجية الأسلمي حدثه، وطائفة روت عنه: أن ذؤيبا الخزاعي حدثه، وذؤيب هذا هو والد قبيصة بن ذؤيب، وربما بعث رسول الله ﷺ أيضا معه هديا فسأله كما سأله ناجية، فالله أعلم».
قلت: لم يأت تصريح في حديث ابن عباس بأن ناجية الأسلمي حدثه، وغاية ما في رواية أبي التياح، عن موسى بن سلمة، عن ابن عباس قال: بعث رسول الله ﷺ فلانا الأسلمي؛ فلم يسمه ناجية، والله أعلم.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢٢/ ٢٦٧): قوله: «ولا أحد من أهل رفقتك»؛ لا يوجد إلا في حديث ابن عباس هذا بهذا الإسناد عن موسى بن سلمة وسنان بن سلمة، وليس ذلك في حديث هشام بن عروة عن أبيه عن ناجية، «وهذا عندنا أصح من حديث ابن عباس عن ذؤيب».
قلت: إذا ثبت الحديث وجب قبوله والعمل بما دل عليه، ولا يعترض عليه بما عليه الإمام المتبوع في الفقه، ولا بما يقوم في الأذهان من المعارضات الذهنية، بل نقول: سمعا وطاعة لله ورسوله، وقد صح الحديث، وقال بهذه الزيادة الأئمة، والحمد لله رب العالمين.