للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وفقر إلى ذلك منه، «وليس في ذلك ما يدل على منع مهديه من الأكل منه لو كان حاضراً، أو إباحته إياه».

وقال الطحاوي في اختلاف العلماء (٢/ ٨٤ - اختصار الجصاص): «في الهدي إذا عطب هل يجوز بيعه وأكله:

قال أصحابنا في الهدي الواجب إذا عطب له أن يأكله، ويبدل مكانه، وإن كان تطوعاً: نحره، وصبغ نعله في دمه، ثم ضرب بها صفحته، ثم لم يأكل منه شيئاً، ويتصدق به أفضل من أن يأكله السباع، فإن أكل منه ضمن قيمة ما أكل، وكذلك إن أطعم منه غنياً، وإن كان قد جلله تصدق بجله وخطامه.

وقال مالك مثل ذلك؛ إلا أنه قال: الواجب لا يبيعه، ولا يأكله في التطوع، ولا يأمر بأكله غنياً ولا فقيراً فإن فعل ضمن ما أكل.

وعن الثوري والأوزاعي: أنه يأكله ولا يبيعه، فلا وجه له إلا أنه قد خرج عن حد الوجوب ألا ترى أنه لا يجزئه وإن ما كان واجباً عليه باق في ذمته.

ولما اتفقوا على إباحة أكله مع عدم بلوغ المحل فكذلك بيعه.

قال: وهذا يدل على أنه بإيجابه لم يخرج عن ملكه لأنه لو كان خرج عن ملكه لم يعد بالعطب في ملكه.

وأما التطوع فروي نحو قولنا فيه عن ابن عباس.

وروي عن عائشة أنها قالت: كلوه ولا تدعوه للسباع، فإن كان واجباً فأهدوا مكانه، وإن كان تطوعاً فإن شئتم فأهدوا وإن شئتم فلا تهدوا.

وقولها: كلوه؛ يحتمل أن تكون أرادت غير الهدي فيكون موافقاً لقولنا.

وروى حماد، عن أيوب، عن نافع، قال: عطبت بدنة لابن عمر تطوعاً فنحرها وأكلها، ولم يهد مكانها.

والحجة لقولنا: ما روى عبد الوارث بن سعيد، قال: حدثنا أبو التياح، عن موسى بن سلمة، عن ابن عباس: … »، فذكره، إلى آخر كلامه.

وقال الخطابي في المعالم (٢/ ١٥٦): «قلت: إنما أمره بأن يصبغ نعله في دمه، ليعلم المار به أنه هدى فيتجنبه إذا لم يكن محتاجاً، ولم يكن مضطراً إلى أكله.

وفي قوله: خل بينه وبين الناس؛ دلالة على أنه لا يحرم على أحد أن يأكل منه إذا احتاج إليه، وإنما حظر على سائقه أن يأكل دونهم. وقال مالك بن أنس: فإن أكل منها شيئاً كان عليه البدل».

وقال ابن حزم في المحلى (٥/ ٣٠٩ - ٣١١): «من أهدى هدي تطوع فعطب في الطريق قبل بلوغه مكة، أو منى فلينحره، وليلق قلائده في دمه وليخل بين الناس وبينه؛ وإن قسمه بين الناس ضمن مثل ما قسم».

فلو قال: شأنكم به أو نحو هذا فلا بأس؛ ولا يحل له أن يأكل هو ولا رفقاؤه منه

<<  <  ج: ص:  >  >>