قال ابن القاسم: وإن أكل منه كان عليه بدله، وليُحل إذا سعى بين الصفا والمروة، ولا يثبت حراماً بمكان هديه الذي ساق معه، لأن هديه الذي ساقه معه لا يمنعه من الإحلال ولا يجزئه من هدي المتعة.
قلت لابن القاسم: أرأيت إن استحق رجل هذا الهدي الذي ساقه هذا المعتمر في عمرته في أشهر الحج لمتعة؛ أيكون عليه البدل؟ قال: نعم؛ أرى أن يجعل ثمنه في هدي، لأن مالكاً سئل عن رجل أهدى بدناً تطوعاً، فأشعرها وقلدها وأهداها، ثم علم بها عيباً بعد ذلك؟ قال: يرجع بقيمة العيب فيأخذه. فقيل له: فما يصنع بقيمة العيب؟ قال يجعله في شاة يهديها، فهذا عندي مثله.
قلت لابن القاسم: أرأيت الهدي الذي يكون مضموناً أي هدي هو عند مالك؟ قال: الهدي الذي إذا هلك أو عطب أو استحق، كان عليه أن يبدله؛ فهذا مضمون. قلت: فإن لم يعطب ولم يستحق حتى نحره، أيأكل منه في قول مالك؟ قال: نعم، يأكل منه. قال: وقال مالك: يأكل من الهدى كله، إلا فدية الأذى وجزاء الصيد وما نذره للمساكين. قال: وقال مالك: يأكل من هديه الذي ساقه لفساد حجه، أو لفوات حجه، أو هدي تمتع، أو تطوع، ومن الهدي كله إلا ما سميت لك.
قال ابن القاسم: وقال مالك: كل هدي مضمون إن عطب؛ فليأكل منه صاحبه، وليطعم منه الأغنياء والفقراء ومن أحب، ولا يبيع من لحمه ولا من جلده ولا من جلاله ولا من خطمه ولا من قلائده شيئاً، وإن أراد أن يستعين بذلك في ثمن بدله من الهدي، فلا يفعل ولا يبيع منه شيئاً.
قال مالك: ومن الهدى المضمون ما إن عطب قبل أن يبلغ محله؛ جاز له أن يأكل منه، وهو إن بلغ محله لم يكن له أن يأكل منه، فهو جزاء الصيد وفدية الأذى ونذر المساكين؛ فهذا إذا عطب قبل أن يبلغ محله؛ جاز له أن يأكل منه، لأن عليه بدله، وإذا بلغ محله أجزأك عن الذي سقته له، ولا يجزئك إن أكلت منه، «ويصير عليك البدل إذا أكلت منه».
وقال سحنون في المدونة (٢/ ٣٨٥ - ٣٨٦): «وقال مالك»: وما ساق من الهدي مما مثله يجوز، فلم يبلغ محله حتى أصابته هذه العيوب؛ عرج أو عور أو مرض أو دبر أو عيب من العيوب، التي لو كانت ابتداء به لم يجز في الهدي؛ فإنه جائز عنه وليس عليه بدله.
قال مالك: والضحايا ليست بهذه المنزلة ما أصابها من ذلك بعد ما تشترى، فإن على صاحبها بدلها.
قلت لابن القاسم: أكان مالك يجيز للرجل أن يبدل أضحيته بخير منها؟ قال: نعم. قلت: أكان مالك يجيز للرجل أن يبدل هديه بخير منه؟ قال: لا. قلت: فبهذا يظن أن مالكاً فرق بين الضحايا والهدي في العيوب إذا حدثت؟ قال: نعم