حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن مجزأة، قال: حدثني ناجية بن جندب الأسلمي. والتي لم يعرفها عامة الحفاظ والمصنفين.
فيقال: أولا: حديث عبيد الله بن موسى عن إسرائيل: حديث غريب جدا، تفرد به أحمد بن سليمان الرهاوي، ولم ينتشر في أهل الكوفة والعراق، ولم يقف عليه عامة النقاد، وقد تقدم بيان غرابته؛ حيث لم يعرفه: أبو حاتم، ولا ابنه، ولا ابن جرير الطبري، ولا الطحاوي، ولا ابن منده، ولا أبو نعيم، ولا البيهقي، وإنما اشتهر الحديث من حديث مخول عن إسرائيل.
وعليه: فهو حديث منكر؛ تفرد به: مخول عن إسرائيل، وهو من جملة أفراده ومناكيره عن إسرائيل.
ثانيا: إن فرضنا كونه مرويا معروفا من حديث عبيد الله بن موسى، ومن حديث عمرو بن محمد العنقزي؛ فعندئذ يقال:
لا أستبعد هنا أن يكون إسرائيل هو الذي لم يضبط إسناد هذا الحديث، ولا متنه، وأخاف أن يكون دخل له حديث في حديث.
فإن هذا الحديث يخالف ظاهر القرآن في هدي المحصر، وكذلك ما ثبت بخلافه من حديث المسور بن مخرمة، من كون النبي ﷺ وأصحابه نحروا هديهم بالحل حيث أحصروا، ولم يرسلوه لينحر بالحرم.
وقد انفرد به: إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وهو: ثقة عند الجمهور، وهو من أتقن أصحاب جده أبي إسحاق السبيعي وأثبتهم فيه، وهو هنا لا يرويه عن جده، وقد تكلم فيه بعضهم، مثل: يعقوب بن شيبة، حيث قال:«صالح الحديث، وفي حديثه لين»، وقال أيضا:«ثقة صدوق، وليس في الحديث بالقوي ولا بالساقط»، وضعفه ابن المديني [التهذيب (١/ ١٣٣)، وغيره]؛ لذا فهو حديث شاذ، والله أعلم. [وانظر للفائدة: فضل الرحيم الودود (١/ ١٩٤/ ٥١) و (١٤/ ١١٨/ ١٢٧٣)].
• قال الطحاوي في شرح المعاني (٢/ ٢٤٢): «فقد دل هذا الحديث أن هدي النبي ﷺ ذلك، نحر في الحرم»؛ قلت: الصواب بخلافه، كما سيأتي بيانه. قال ابن العربي المالكي في أحكام القرآن (١/ ١٧٥): «هذا حديث لم يصح». هـ وقال البيهقي في الخلافيات (٣/ ٢٥٤ - اختصار ابن فروخ): «وفي صحيح البخاري: عن الزهري، عن عروة، عن المسور، ومروان - يصدق حديث كل واحد منهما صاحبه -، قالا: خرج رسول الله ﷺ زمن الحديبية، … » فذكر الحديث في قصة الحديبية، وفيه: أن رسول الله ﷺ نحر بها هديه، وأن أصحابه لما رأوه نحر، قاموا فنحروا.
وفي ذلك دليل على أنه ﷺ نحر هديه بالحديبية، وهي من الحل، خلاف ما زعموا أنه بعث بهديه مع جندب هذه السنة حتى نحره في الحرم.