هـ قال ابن المنذر في الإقناع: (١/ ٢٠٨): «هكذا يفعل في الإشعار والتقليد، ولا يكون المرء بالتقليد محرما حتى يحرم».
وقال في الإشراف (٣/ ١٨٨): «واختلفوا في المرء يقلد هديه؛ فكان ابن عمر يقول: إذا قلد هديه فقد أحرم، وبه قال الشعبي، والنخعي. وقال عطاء: سمعنا ذلك.
وقال الثوري، وأحمد وإسحاق: إذا قلد فقد وجب عليه، وبه قال أصحاب الرأي.
وفيه قول ثان: وهو أن لا يحرم إلا من أهل أو لبى هذا قول عائشة أم المؤمنين.
وقال مالك والشافعي وأبو ثور: لا يكون الرجل بالتقليد محرما حتى يحرم. وبهذا نقول، لأن النبي ﷺ قلد الهدى، ولم يحرم».
وقال في الأوسط (٦/ ٣٢٤): «ومن ذلك: أن السنة أن يشعر المرء بدنته قبل الإحرام، لأن في حديثهما [يعني: حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم]: أن النبي ﷺ قلد الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة، فأعلم أنه أحرم بالعمرة بعد الإشعار والتقليد، وإذا كان ذلك كذلك فقد أغفل من قال: إن من قلد فقد أحرم، لأن في الحديث: أنه قلد الهدي وأشعر وأحرم، ففي ذلك دليل على أن إحرامه كان بعد التقليد والإشعار، إذ غير جائز أن يقال لمن قد لزمه الإحرام بالتقليد: أحرم بعد ذكر التقليد، لأن الإحرام لا يدخل على إحرام قبله إلا حيث دلت السنة من إدخال الحج على العمرة.
ومن ذلك السنة في تقليد الهدي، وقد فعل النبي ﷺ ذلك في سنة تسع في العام الذي حج فيه أبو بكر، ذكرت عائشة: أنها فتلت قلائد هدي رسول الله ﷺ، ثم قلدها رسول الله ﷺ بيده، ثم لم يحرم على رسول الله ﷺ شيء كان أحله الله له، حتى نحر الهدي، وفعل ذلك في حجة الوداع، وكل ذلك يدل على أن المرء لا يكون بالتقليد محرما».
وقال ابن رشد في البيان والتحصيل (١٧/ ٣١٢): «من أهدى هديا لا يكون بتقليده وبإشعاره محرما حتى يحرم».
هـ بعض الفوائد الفقهية مما جاء في تقليد الغنم [غير ما تقدم ذكره تحت الحديث (١٧٥٣)] رقم:
قال ابن المنذر في الإشراف (٣/ ١٨٧): «ثبت أن رسول الله ﷺ قلد الهدي، وكان مالك، والشافعي، وأحمد وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: يرون تقليد الهدى.
واختلفوا في تقليد الغنم، ورأت ذلك عائشة أم المؤمنين، وكان عطاء بن أبي رباح، وعبيد الله أبي يزيد، وعبيد الله بن عبيد بن عمير، ومحمد بن علي، يقولون: رأينا الغنم تقدم مقلدة. وقال بعضهم: رأينا الكباش تقلد.
وكان الشافعي، وأحمد وإسحاق، وأبو ثور، يرون تقليد الغنم.
وأنكر مالك، وأصحاب الرأي: تقليد الغنم.
قال أبو بكر بالقول الأول أقول؛ للثابت عن عائشة أنها قالت: كنت أقتل قلائد
الغنم لرسول الله ﷺ فيبعث بها، ثم يمكث حلالا».