للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولا أمثال هؤلاء، وأحد رواته أيضا: عبد الملك بن جابر بن عتيك، ولا يلحق هو: الأسود، ولا عروة، ولا عمرة، ولا القاسم بن محمد بن أبي بكر، وهذا لا نزاع فيه، وقال أبو عمر بن عبد البر: ابن أبي لبيبة شيخ ليس ممن يحتج فيما ينفرد به، فكيف فيما خالفه فيه من هو أثبت منه.

وإن كان الثاني: فحديث عائشة أيضا أولى لوجود التواتر في طريقه وظهوره بما ليس في حديث جابر. قال أبو عمر: لم يلتفت مالك ومن قال بقوله إلى حديث عبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة عن جابر، وردوه بحديث عائشة؛ لتواتر طرقه وصحته.

وإن كان الثالث: «فوجه النظر والقياس يقتضي فساد قول من ذهب إلى حديث جابر، … »، ثم نقل كلام الطحاوي في فساد معناه.

هـ قلت: هو حديث منكر مضطرب.

فقد اختلف الثقات على عبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة:

فقد رواه حاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن عطاء، عن عبد الملك بن جابر، عن جابر بن عبد الله.

ورواه داود بن قيس، عن عبد الرحمن بن عطاء، أنه سمع ابني جابر يحدثان، عن أبيهما جابر بن عبد الله.

وروا زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن عطاء أخبره؛ أن رجلا من أصحاب رسول الله من بني سلمة، قال: … ، وفي رواية: عن نفر من بني سلمة، قالوا: … .

وهذا الاضطراب في إسناده وفي متنه أيضا: إنما هو من عبد الرحمن بن عطاء هذا، وهذا من دلائل ضعفه، وعدم ضبطه للأسانيد والمتون، فقد تلون أيضا في قصة المتن، وفي متن الحديث القولي، وتغاير لفظه في كل مرة بما يدل على قلة ضبطه، وعدم حفظه لما يروي.

ثم إنه عارض بهذا الحديث: حديثين صحيحين في مسألتين مختلفتين: حديث عائشة فيمن بعث بهديه وأقام ببلده أنه لا يجتنب شيئا مما يجتنبه المحرم، وحديث يعلى بن أمية في أمر المتضمخ بالخلوق بنزع الجبة، ولم يأمره بشقها وإتلافها؛ إذ السنة فيمن نسي أو جهل فلبس ما يحرم على المحرم لبسه أن ينزعه؛ لا أن يشقه ويتلفه.

ووجه آخر من النكارة، حيث قال في رواية: إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم، وتشعر اليوم على ماء كذا وكذا، وفي رواية: «وعدتهم يقلدون هديي اليوم فنسيت»، والنبي إنما أهدى في العام التاسع، وبعث بهديه مع أبي بكر الصديق [كما في حديث عمرة عن عائشة]، والأصل عدم تعدد القصة، وفيها: أن النبي قد قلد هديه بيده، وهو بالمدينة، قبل أن يبعث به؛ خلافا لحديث جابر هذا.

وهذا مما يرجح قول القادحين في ضبطه، فقد قال فيه البخاري: «فيه نظر»، وهذا قدح شديد من أحد كبار الأئمة النقاد الذين يتورعون عن الكلام في الناس إلا ببينة

<<  <  ج: ص:  >  >>