للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

النبي ، وغايتها في هذا الموضع تدل على استحباب التقليد والإشعار، لا على الإيجاب، فمن شاء قلد، ومن شاء ترك، ومن شاء أشعر، ومن شاء ترك، وما جاء عن عائشة وابن عباس يدل على ذلك، حتى قالت عائشة؛ لما سئلت: أتشعر البدن؟ قالت: «إن شئت، إنما أشعرت ليعلم أنها بدنة»، تعني بذلك أن التقليد والإشعار إنما كان علامة ليعلم أنها بدنة مهداة إلى بيت الله الحرام، فلا يقربها أحد؛ حتى يبلغ الهدي محله، وما كان هذا شأنه فمن تركه فلا حرج عليه، وإذا فعله اقتداء بالنبي الأثيب عليه، ولهذا قال ابن عباس: «إن شئت فأشعر، وإن شئت فلا تشعر، وإن شئت فقلد، وإن شئت فلا تقلد».

وأما التعريف بالهدي: فلا يصح فيه شيء مرفوع إلى النبي [انظر: مصنف ابن أبي شيبة (٨/ ٤٧٦/ ١٥٦٤٩ - ط الشثري)]، وقد عورض قول ابن عمر، بقول ابن عباس: «إن شئت فعرف الهدي، وإن شئت فلا تعرف به؛ إنما أحدث الناس السياق مخافة السراق»، وبقول عائشة لما سئلت: أعرف بالهدي؟ فقالت: «لا عليك أن لا تعرف به»، وبقولها لما سئلت: أيقف بالبدن بعرفات؟ فقالت: «ما شئتم؛ إن شئتم فافعلوا، وإن شئتم فلا تفعلوا»؛ وقولهما أولى بالصواب، وأن الأمر على الإباحة، وراجع في ذلك كلام الطحاوي وابن حزم، كما أنه لا فرق في ذلك بين الهدي الذي ساقه معه من بلده، أو اشتراه من الميقات، أو اشتراه من الحل، أو اشتراه من الحرم، كل ذلك سواء في الإجزاء، وليس عندنا دليل صحيح على التفرقة بينها، والله أعلم.

وأما الإشعار فيكون في صفحة سنامها الأيمن؛ كما نقل ابن عباس عن النبي ، ولا حجة في قول أحد ولا فعله بعد النبي ، وقد أخذ الشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم بحديث ابن عباس الصحيح، وأعرضوا عمدا عن فعل ابن عمر [راجع أقوالهم تحت حديث ابن عباس المتقدم برقم (١٧٥٢)].

وأما التوجه بها إلى القبلة والتسمية عليها حال الإشعار: فلا بأس بذلك، لعموم الأدلة بكون النبي كان يذكر الله على كل حال، وقالت عائشة: «كان النبي يذكر الله على كل أحيانه» [راجع: فضل الرحيم الودود رقم (١٨) وقال البخاري في صحيحه لما لم يثبت عنده حديث في التسمية على الوضوء: «باب التسمية على كل حال وعند الوقاع»، واحتج بحديث ابن عباس في التسمية عند الجماع، والله أعلم.

- عن عبد الله بن الزبير موقوفا:

• يرويه: مالك، عن يحيى بن سعيد [الأنصاري]، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير [ولد على عهد رسول الله ، وكان ثقة قليل الحديث. التهذيب (٤/ ٣٠٦ - ط دار البر)]؛ أنه رأى رجلا متجردا بالعراق، فسأل الناس عنه؛ فقالوا: إنه أمر بهديه أن يقلد، فلذلك تجرد، قال ربيعة: فلقيت عبد الله بن الزبير، فذكرت له ذلك، فقال: بدعة ورب الكعبة.

أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٤٥٩/ ٩٦٦ - رواية يحيى الليثي) (٧٠٧ - رواية القعنبي)

<<  <  ج: ص:  >  >>