للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٤/ ٢٤٦ - ٢٤٧): «وأما تقليده بنعلين؛ فقد روي ذلك عن النبي ، وإنما التقليد علامة للهدي؛ كأنه إشهار منه أنه أخرج ما قلده من ملكه الله ﷿، وجائز أن يقلد بنعل واحدة، ونعلان أفضل إن شاء الله، لمن وجدهما.

وكذلك الإشعار أيضا علامة للهدي، وجائز الإشعار في الجانب الأيمن، وفي الجانب الأيسر، وقد روي عن ابن عمر أنه كان ربما فعل هذا وربما فعل هذا، إلا أن أكثر أهل العلم يستحبون الإشعار في الجانب الأيمن لحديث ابن عباس في ذلك.

وممن استحب الإشعار في الجانب الأيمن الشافعي وأبو يوسف، ومحمد، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وكان مالك يقول: يشعر من الجانب الأيسر؛ على ما رواه عن نافع، عن ابن عمر. وكذلك رواه عبيد الله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر.

ورواه معمر، عن الزهري عن سالم، عن ابن عمر: أنه كان يشعر في الشق الأيمن حين يريد أن يحرم. وقال مجاهد: أشعر من حيث شئت.

وكان أبو حنيفة ينكر الإشعار ويكرهه، ويقول: إنما كان ذلك قبل النهي عن المثلة. وهذا الحكم لا دليل عليه إلا التوهم والظن، ولا تترك السنن بالظنون».

وقال ابن حجر في فتح الباري (٣/ ٥٤٣) وتبين بهذا أن ابن عمر كان يطعن في الأيمن تارة، وفي الأيسر أخرى، بحسب ما يتهيأ له ذلك.

وإلى الإشعار في الجانب الأيمن ذهب الشافعي، وصاحبا أبي حنيفة، وأحمد في رواية، وإلى الأيسر ذهب مالك، وأحمد في رواية، ولم أر في حديث ابن عمر ما يدل على تقدم ذلك على إحرامه، وذكر ابن عبد البر في الاستذكار عن مالك قال: لا يشعر الهدي إلا عند الإهلال يقلده، ثم يشعره، ثم يصلي، ثم يحرم.

«وفي هذا الحديث مشروعية الإشعار، وفائدته الإعلام بأنها صارت هديا، ليتبعها من يحتاج إلى ذلك، وحتى لو اختلطت بغيرها تميزت أو ضلت عرفت، أو عطبت عرفها المساكين بالعلامة؛ فأكلوها، مع ما في ذلك من تعظيم شعار الشرع، وحث الغير عليه، وأبعد من منع الإشعار، واعتل باحتمال أنه كان مشروعا قبل النهي عن المثلة، فإن النسخ لا يصار إليه بالاحتمال، بل وقع الإشعار في حجة الوداع وذلك بعد النهي عن المثلة بزمان».

* وروى مالك، عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا طعن في سنام هديه وهو يشعره قال: بسم الله، والله أكبر. لفظ يحيى وغيره.

ولفظ أبي مصعب وابن بكير عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا وخز في سنام بدنه [وفي رواية القعنبي: إذا وجأ في سنام بدنته] قال: بسم الله، والله أكبر.

ولفظ أبي عاصم [في التغليق] عن ابن عمر أنه كان يشعر في السنام، ويستقبل به القبلة، ويقول: بسم الله، والله أكبر.

أخرجه مالك في الموطأ (١/ ١١١٣/ ٥١٠ - رواية يحيى الليثي) (٨٥٢ - رواية القعنبي)

<<  <  ج: ص:  >  >>