قال يونس [يعني: ابن يزيد الأيلي]: قال نافع [يعني: مولى ابن عمر]: قال عروة بن الزبير: إن عائشة زوج النبي ﷺ كانت تقول: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله ﷺ، وهو مقيم بالمدينة، ولم يكن يجتنب شيئا ما يجتنب المحرم؛ لا نساء ولا غيرهن. فأخذ الناس بحديث عائشة.
أخرجه أبو القاسم ابن بشران في الأمالي (٤٧٧)، قال: أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان [قال البرقاني والخطيب: «صدوق»، ونعته الذهبي بالإمام المحدث الثقة مسند العراق. تاريخ بغداد (٥/٤٥). السير (١٥/ ٥٢١)]: ثنا أبو إسماعيل الترمذي [محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمي: ثقة حافظ مشهور]: ثنا أبو صالح به.
قلت: هذا حديث منكر بهذا الإسناد والمتن، ولعل الوهم فيه من أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث؛ فهو وإن كان صدوقا؛ لكن كانت فيه غفلة، وكان كثير الغلط، وقد ابتلي بخالد بن نجيح، قال فيه أبو حاتم:«كان يصحب عثمان بن صالح المصري وأبا صالح كاتب الليث وابن أبي مريم»، وقال:«هو كذاب، كان يفتعل الأحاديث، ويضعها في كتب ابن أبي مريم وأبي صالح، وهذه الأحاديث التي أنكرت على أبي صالح يتوهم أنه من فعله» [سؤالات البرذعي (٢/ ٤٤٧). الجرح والتعديل (٣/ ٣٥٥) و (٥/ ٨٧). تاريخ الإسلام (٥/ ٦٦ - ط الغرب). اللسان (٣/ ٣٤٢)]، والله أعلم.
قلت: المحفوظ في هذا الحديث عن الزهري:
ما رواه شعيب بن أبي حمزة، ويونس بن يزيد الأيلي، والليث بن سعد، وأيوب بن موسى المكي: حدثنا ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، وعن عمرة بنت عبد الرحمن، أن عائشة ا قالت: … فذكر الحديث. [أخرجه البخاري (١٦٩٨)، ومسلم (٣٥٩/ ١٣٢١)].
وما رواه: معمر بن راشد، وسفيان بن عيينة، وابن جريج، وابن أبي ذئب، وعمرو بن الحارث، وأيوب بن موسى المكي: حدثنا الزهري، عن عروة، عن عائشة. [أخرجه مسلم (٣٦٠/ ١٣٢١)].
* ورواه الطيالسي [ثقة حافظ]، قال: حدثنا زمعة بن صالح [ضعيف]، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله ﷺ، ولا يجتنب شيئا. أخرجه الطيالسي (٣/ ٥٦/ ١٥٤٤).
هكذا رواه زمعة عن الزهري به، لكنه اختصره اختصارا مخلا بالمعنى، وهذا من دلائل ضعفه، حيث خالف جماعة الثقات الأثبات المقدمين في الزهري.
* ورواه أبو قرة [موسى بن طارق]، قال: ذكر زمعة بن صالح، عن يعقوب بن عطاء، عن الزهري، قال: وكان عروة، وعمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، يخبران عن عائشة، أنها قالت: أنا كنت أفتل بيدي قلائد هدي رسول الله ﷺ، التي يهدي إلى الحج، وهو ماكث في المدينة، ثم لا يجتنب شيئا مما يجتنب المحرم من النساء والطيب ولا اللباس.