للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

«وأنكروا حديث الأسود، عن عائشة في تقليد الغنم، قالوا: هو حديث لا يعرفه أهل بيت عائشة».

وانظر: كلام القاضي عياض في إكمال المعلم (٤/ ٤٠٧).

وابن حجر في الفتح (٣/ ٥٤٨).

قلت: الأسود بن يزيد النخعي: مخضرم، ثقة فقيه، من الطبقة الثانية، حج مع أبي بكر وعمر وعثمان، فهو عالم فقيه لا يخفى عليه ما ينقل عن عائشة، ويمكن الجمع بين روايته في الغنم، وبين رواية مسروق الآتية في البدن، بأنه جمع في الهدي الذي أرسله إلى مكة وأقام بالمدينة حلالا: بين الغنم والبدن، وقد فتلت عائشة قلائدها جميعا بيدها، أو أن الغالب عليها كان من الغنم، ولذا جاء ذكر الغنم في معظم روايات حديث الأسود، بينما غالب روايات حديث مسروق جاء بلفظ الهدي مطلقا، وانفرد داود بن أبي هند عن الشعبي بذكر البدن لقلتها، وكذلك جاء لفظ الهدي مطلقا في رواية القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن،، عن عائشة ، وانفرد أفلح عن القاسم عن عائشة، قالت: فتلت قلائد بدن رسول الله بيدي، ثم أشعرها وقلدها، ثم بعث بها إلى البيت، وأقام بالمدينة، فما حرم عليه شيء كان له حلا، فيحمل على ما تقدم ذكره من الجمع بين البدن والغنم، لاسيما والإشعار مختص بالبدن دون الغنم، والله أعلم.

وقد ترجم البخاري في كتاب الحج: «باب تقليد الغنم»، وأورد حديث الأسود عن عائشة، وحديث مسروق عن عائشة، من طريق زكريا عن الشعبي، بلفظ الهدي.

وتقدمه بثلاثة أبواب: الأول: «باب فتل القلائد للبدن والبقر»، وأورد فيه حديث عروة وعمرة، والثاني: «باب إشعار البدن»، وأورد فيه حديث أفلح عن القاسم، والثالث: «باب من قلد القلائد بيده»، وأورد فيه حديث عمرة.

بينما ترجم لحديث مسروق عن عائشة في كتاب الأضاحي، «باب: إذا بعث بهديه ليذبح لم يحرم عليه شيء»، وأخرج فيه حديث ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن مسروق؛ أنه أتى عائشة، فقال لها: يا أم المؤمنين؛ إن رجلا يبعث بالهدي إلى الكعبة ويجلس في المصر، فيوصي أن تقلد بدنته، فلا يزال من ذلك اليوم محرما حتى يحل الناس؟ قال: فسمعت تصفيقها من وراء الحجاب، فقالت: لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله ، فيبعث هديه إلى الكعبة، فما يحرم عليه مما حل للرجال من أهله، حتى يرجع الناس.

فلم تقل عائشة: البدن، وإنما قالت: الهدي، وأعرض البخاري عن رواية داود بن أبي هند عن الشعبي، والتي جاء فيها ذكر البدن في كلام عائشة، لكنه قبلها من رواية أفلح عن القاسم، واحتج بها في باب إشعار البدن، والله أعلم.

والحاصل مما تقدم ذكره أن تعيين البدن فيما بعث به النبي من المدينة إلى مكة، وهو مقيم بالمدينة حلالا: أقل ذكرا في الروايات من تعيين الغنم؛ نعم؛ ذكر الغنم

<<  <  ج: ص:  >  >>