وقال هارون بن أبي بردة: عن أسباط بن محمد، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن الأسود، عن عائشة. والأول أصح عن الأعمش.
ورواه منصور، «عن المغيرة، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة».
قلت: لم يستوعب طرق الحديث، وهي مبثوثة في الصحاح والسنن والمسانيد.
هـ وقد تجرأ بعضهم على رد هذه الأسانيد الصحيحة التي لا يشك في ثبوتها، فضلا عن إخراج الشيخين وأصحاب الصحاح والسنن والمسانيد لها، ولم يحملهم على ذلك حجة صحيحة؛ سوى مخالفة المذهب، وتنزيل عموم كلام بعض الأئمة على غير موضعه.
[انظر مثلا: أحكام القرآن لبكر بن العلاء القشيري (١/ ١٧٣)].
قال ابن حزم في الإعراب عن الحيرة والالتباس (٢/ ٧٤٠): «وصح عن عائشة أم المؤمنين، وابن عباس، وناس من الصحابة: تقليد الغنم في الهدي، ولا يعرف لهم في ذلك مخالف من الصحابة، فخالفوهم، وقالوا: لا تقلد».
وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٧/ ٢٢٨): «والآثار عن عائشة بهذا متواترة، وبها قال: مالك، والشافعي في أكثر أهل الحجاز، وأبو حنيفة، والثوري، والحسن بن حي»، وعبيد الله بن الحسن في جماعة أهل العراق، والأوزاعي في أهل الشام، والليث بن سعد، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو عبيد، وأبو ثور، وداود، والطبري، ولم يقل واحد منهم بحديث عبد الرحمن بن عطاء، وليس عندهم بذلك، وترك مالك الرواية عنه وهو جاره، وحسبك بهذا، إلا أن أبا حنيفة وأصحابه خصوا الإبل إذا قلدها من قصد البيت أنه يكون بتقليده لها محرما إذا كان قاصدا للحج أو العمرة إلى البيت، وليس كذلك عندهم من قلد الغنم وإن أم البيت، لأن الغنم لا تقلد عندهم؛ وهو قول مالك وأصحابه في الغنم أنها لا تقلد، قال مالك وأصحابه: تقلد الإبل والبقر ولا تقلد الغنم، وتجزئ النعل الواحدة في التقليد، وتجعل حمائل القلائد مما شئت، وقال أبو حنيفة وأصحابه: يقلد كل هدي متعة أو قران أو تطوع من الإبل والبقر، فأما الغنم فلا تقلد، ولا يقلد هدي إحصار ولا جماع ولا جزاء صيد ولا حنث في يمين يهدي جزورا أو بقرة، وقالوا: التجليل حسن ولا يضر تركه والتقليد أوجب منه وقال مالك جلال البدن من عمل الناس، وهو من زينتها، ولا بأس بشق أوساط الجلال، إذا كانت بالثمن اليسير بالدرهمين ونحو ذلك، لأن ذلك زينة لها. وقال الشافعي: تقلد الإبل والبقر وتقلد الغنم الرقاع، وقال أبو ثور: تقلد البدن والهدي كلها من الإبل والبقر والغنم تطوعا كانت أو واجبة في متعة أو قران أو جزاء صيد أو نذر أو يمين إذا اختار صاحب الهدي قلد ذلك كله إن شاء، ويجلل الهدي بما شاء، واحتج من اختار تقليد الغنم: بما رواه الأعمش ومنصور، عن إبراهيم، عن الأسود،، عن عائشة ﵂، أن النبي ﷺ أهدى إلى البيت مرة غنما فقلدها، واحتج من لم ير تقليد الغنم؛ بأن رسول الله ﷺ إنما حج حجة واحدة، لم يهد فيها غنما،