قال: كان ابن عمر إذا وخز في سنام بدنته يشعرها، قال: بسم الله والله أكبر، ذكر عبد الرزاق، عن الثوري، عن منصور، عن مجاهد قال: تشعر البدن من حيث تيسر، وقال أبو حنيفة: أكره الإشعار لأنه تعذيب للبدن في غير نفع لها ولا لصاحبها، لنهي رسول الله ﷺ من اتخاذ شيء فيه الروح غرضا، ولنهيه عن المثلة، وقال الشافعي، وأبو ثور، وأحمد، وإسحاق، وسائر أهل العلم: تشعر البدن في الشق الأيمن، وحجتهم أن رسول الله ﷺ قلد بدنة، وأشعرها من الشق الأيمن وسلت الدم عنها، رواه ابن عباس وغيره عن النبي ﷺ.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٤/ ٢٤٦ - ٢٤٧): «وأما تقليده بنعلين؛ فقد روي ذلك عن النبي ﷺ، وإنما التقليد علامة للهدي؛ كأنه إشهار منه أنه أخرج ما قلده من ملكه الله، وجائز أن يقلد بنعل واحدة، ونعلان: أفضل إن شاء الله، لمن وجدهما.
وكذلك الإشعار أيضا علامة للهدي، وجائز الإشعار في الجانب الأيمن، وفي الجانب الأيسر، وقد روي عن ابن عمر: أنه كان ربما فعل هذا وربما فعل هذا، إلا أن أكثر أهل العلم يستحبون الإشعار في الجانب الأيمن؛ لحديث ابن عباس في ذلك.
وممن استحب الإشعار في الجانب الأيمن الشافعي، وأبو يوسف، ومحمد، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وكان مالك يقول: يشعر من الجانب الأيسر؛ على ما رواه عن نافع، عن ابن عمر. وكذلك رواه عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر.
ورواه معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر: أنه كان يشعر في الشق الأيمن حين يريد أن يحرم. وقال مجاهد: أشعر من حيث شئت.
وكان أبو حنيفة ينكر الإشعار ويكرهه، ويقول: إنما كان ذلك قبل النهي عن المثلة.
وهذا الحكم لا دليل عليه إلا التوهم والظن، ولا تترك السنن بالظنون».
وقال ابن كثير في البداية والنهاية (٧/ ٤٣٠): «وهذا يدل على أنه ﵊ تعاطى هذا الإشعار والتقليد بيده الكريمة في هذه البدنة، وتولى إشعار بقية الهدي وتقليده غيره، فإنه قد كان أهدى كثيرا؛ إما مائة بدنة، أو أقل منها بقليل».
١٧٥٤ - قال أبو داود: حدثنا عبد الأعلى بن حماد: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة، ومروان، أنهما قالا: خرج رسول الله ﷺ عام الحديبية، فلما كان بذي الحليفة قلد الهدي، وأشعره، وأحرم.
حديث صحيح
أخرجه من طريق سفيان بن عيينة: البخاري (٤١٥٧ و ٤١٥٨ و ٤١٧٨ و ٤١٧٩)، والنسائي في الكبرى (٨/٥ /٨٥٢٨)، وابن خزيمة (٤/ ٢٩٠/ ٢٩٠٧) و (١٣/ ١٨٧/ ١٦٥٥٩ - الإتحاف)، وأحمد (٤/ ٣٢٣ و ٣٢٨)، والشافعي [عزاه إليه: الماوردي] في الحاوي الكبير