للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فأخبرت أن النبي أشعر هديه؛ ليكون ذلك علامة لها، ومخالفنا يقول: إنه فعله على أنه نسك.

قيل له: هذا دليلنا؛ لأنها أخبرت: أن النبي أشعر؛ ليكون علامة، ونحن نستحب الإشعار لما فيه من العلامة، ونقول: إن النبي فعل لهذا المعنى، ونقول: إن شاء فعل، وإن شاء ترك؛ لأنه ليس بواجب، فكان قول عائشة حجة لنا.

فإن قيل: هذا منسوخ بنهي النبي عن المثلة، وهذا من المثلة.

قيل له: لا يجوز حمله على النسخ مع إمكان الاستعمال، والنسخ يحتاج إلى النقل والتوقيف، ونحن نبين وجه نهي النبي عن المثلة فيما بعد.

وجواب آخر، وهو: أنه لو كان منسوخا لما أشعرت الصحابة، ولا أمرت بذلك، وقد روى حنبل بإسناده، عن ابن عمر ، قال: ما لم تشعر، ولم تقلد، فليس بهدي.

وفي لفظ آخر عنه، قال: البدن ما قلد وأشعر ووقف بعرفة، وإلا فإنما هي ضحايا. وبإسناده، عن نافع، قال: أدركت الناس والبقر تشعر في أسنمتها، فما لم يكن لها سنام أشعرت في موضع السنام، قيل له: ما روينا عن ابن عمر يقتضي أن يكون بعد النبي ؛ لأنه ابتداء قول من جهته، وبيان عن مسنون ذلك، وهذا لا يكون منه في وقت النبي ، ونافع لم يدرك النبي ، فهو يخبر عما شاهد، وإنما كان هذا بعد النبي .

فإن قيل: ففيهم من لم يشعر.

قيل له: «من لم يشعر منهم نحمل أمره على أن تركه رخصة ليس بواجب».

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٧/ ٢٣٠ - ٢٣٢): «واختلف الفقهاء أيضا في إشعار البدن: فقال مالك: تشعر الإبل والبقر ولا تشعر الغنم، وتشعر في الشق الأيسر، وكذلك قال أبو يوسف، ومحمد، مثل قول مالك سواء في ذلك كله، وحجة من رأى الإشعار: أن رسول الله أشعر … »، ثم أسند حديث ابن عباس، ثم قال: «هذا هو المعروف المحفوظ في حديث ابن عباس هذا؛ أن رسول الله » أشعر بدنته من شقها الأيمن، ورأيت في كتاب ابن علية، عن أبيه، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي حسان الأعرج، عن ابن عباس ، أن رسول الله أشعر بدنة من الجانب الأيسر، ثم سلت الدم عنها، وقلدها نعلين وهذا عندي منكر في حديث ابن عباس هذا؛ والمعروف فيه ما ذكره أبو داود: الجانب الأيمن، لا يصح في حديث ابن عباس غير ذلك، إلا أن عبد الله بن عمر كان يشعر بدنته من الجانب الأيسر، هكذا روى مالك وأيوب وعبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، وهو قول مالك وأبي يوسف ومحمد وجماعة، وهو المعروف عن عطاء، وقد روى معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر؛ أنه كان يشعر في الشق الأيمن حين يريد أن يحرم، وروى ابن علية، عن أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر يشعر من الجانب الأيسر، وربما أشعر من الجانب الأيمن، وهو أمر خفيف عند أهل العلم لا يكرهون شيئا من ذلك، وقد كان ابن عمر ربما أشعر في السنام، وروى مالك عن نافع،

<<  <  ج: ص:  >  >>