• ورواه ابن علية، عن أبيه [هو: إسماعيل ابن علية]، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي حسان الأعرج، عن ابن عباس؛ أن رسول الله ﷺ أشعر بدنة من الجانب الأيسر، ثم سلت الدم عنها، وقلدها نعلين.
أخرجه ابن علية في كتابه عن أبيه [عزاه إليه: ابن عبد البر في التمهيد (١٧/ ٢٣١)(١١/ ٧٢ - ط الفرقان)، قال:«ورأيت في كتاب ابن علية، عن أبيه … »].
• لكن أخرجه النسائي في المجتبى (٥/ ١٧٤/ ٢٧٩١)، وفي الكبرى (٤/ ٦٩/ ٣٧٥٨)، قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا هشام الدستوائي، عن قتادة، عن أبي حسان الأعرج، عن ابن عباس؛ أن رسول الله ﷺ لما أتى ذا الحليفة أشعر الهدي من جانب السنام الأيمن، ثم أماط عنه الدم، ثم قلده نعلين ثم ركب ناقته، فلما استوت به على البيداء أحرم وأحرم عند الظهر وأهل بالحج.
قال ابن عبد البر:«ورأيت في كتاب ابن علية، عن أبيه … »، ثم قال:«وهذا عندي منكر في حديث ابن عباس هذا، والمعروف فيه: ما ذكره أبو داود: الجانب الأيمن، لا يصح في حديث ابن عباس غير ذلك».
قلت: الصواب حديث يعقوب بن إبراهيم الدورقي؛ فهو: ثقة حافظ، مكثر عن ابن علية، وحديثه عنه عند الجماعة، وقد أخرج حديثه هذا النسائي، وقد اشتهر حديث هشام الدستوائي، رواه عنه جمع من الثقات، وأخرج حديثه هذا أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد والمصنفات، بينما لم يُعرف حديث ابن أبي عروبة عن قتادة، ولم أقف عليه في شيء من الكتب المسندة المطبوعة، مما يدل على كونه غلطاً محضاً، ولو كان حدث به ابن علية عن ابن أبي عروبة عن قتادة لطارت به الركبان، ولاشتهر كما اشتهر حديث شعبة وهشام، فإن شعبة وهشام وسعيد هم أثبت الناس في قتادة، وابن علية: ثقة ثبت، ممن سمع من ابن أبي عروبة في حال صحته، قبل اختلاطه، وروى له مسلم عن ابن أبي عروبة، فكيف يهجر حديثه عن ابن أبي عروبة، ولا يروى في الصحاح ولا السنن ولا المسانيد ولا المصنفات، ولا يشتهر شهرة حديث شعبة وهشام؛ إلا لكونه لا يُعرف إلا من حديث ابن أبي عروبة عن مطر الوراق عن قتادة، كما تقدم بيانه، وبذا يظهر: أن ما حكاه ابن عبد البر عن كتاب ابن علية عن أبيه فهو: حديث خطأ، سنداً ومتناً، وبالله التوفيق.
وقال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام (٣/ ٤٥٧ - ٤٥٨): «وذكر من طريق أبي عمر [يعني: ابن عبد البر]، من حديث ابن علية، أسنده إلى ابن عباس، أن رسول الله ﷺ أشعر بدنه من الجانب الأيسر.
ثم قال أبو عمر: هذا عندي حديث منكر من حديث ابن عباس، والصحيح يعني: من الجانب الأيمن. كذا أجمل تعليله، والحديث إنما أورده أبو عمر في التمهيد هكذا: … »، فساق كلامه، ثم قال: «وهو كلام صحيح، والحديث في كتاب مسلم من رواية شعبة، عن قتادة، عن أبي حسان، عن ابن عباس؛ بالجانب الأيمن، وفي كتاب