للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الصحيح من حديث معمر، وسفيان بن عيينة، عن الزهري، والروايات الثابتات متفقة على أنهم كانوا أكثر من ألف رجل عام الحديبية، ثم اختلفوا فمنهم من قال: كانوا ألفاً وخمس مئة، ومنهم من قال: كانوا ألفاً وأربع مئة، ومنهم من قال: كانوا ألفاً وثلاث مئة».

وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٥/ ٢٣٩): «حجة هؤلاء كلهم حديث جابر، وما كان مثله: أن رسول الله أجاز البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة، وضعفوا حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم الذي فيه ما يدل على أن البدنة نحرت يوم الحديبية عن عشرة أو أكثر من سبعة، وقالوا: هو مرسل؛ خالفه ما هو أثبت وأصح منه، والمسور لم يشهد الحديبية، ومروان لم ير النبي ، وقال بهذا القول أكثر الصحابة رضوان الله عنهم».

قلت: الوهم في تعيين كون البدنة عن عشرة؛ إنما هو من ابن إسحاق، وليس من المسور ومروان.

وقال الذهبي في تاريخ الإسلام (١/ ٢٥١)، وفي السير (٢/٣٨): «ساق ابن إسحاق حديث الزهري بطوله، وفيه ألفاظ غريبة».

وقال ابن القيم في زاد المعاد (٣/ ٢٥٧): «وغلط غلطاً بيناً من قال: كانوا سبعمائة، وعذره أنهم نحروا يومئذ سبعين بدنة، والبدنة قد جاء إجزاؤها عن سبعة وعن عشرة، وهذا لا يدل على ما قاله هذا القائل؛ فإنه قد صرح بأن البدنة كانت في هذه العمرة عن سبعة، فلو كانت السبعون عن جميعهم لكانوا أربعمائة وتسعين رجلاً، وقد قال في تمام الحديث بعينه: إنهم كانوا ألفا وأربعمائة».

وقال ابن كثير في التفسير (٧/ ٣٣١): «كذا قال ابن إسحاق! وهو معدود من أوهامه، فإن المحفوظ في الصحيحين: أنهم كانوا بضع عشرة مائة».

وقال أيضاً (٧/ ٣٤٩): «هكذا ساقه أحمد من هذا الوجه، وهكذا رواه يونس بن بكير وزياد البكائي عن ابن إسحاق بنحوه، وفيه إغراب، وقد رواه أيضاً عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري به نحوه، وخالفه في أشياء، وقد رواه البخاري في صحيحه، فساقه سياقة حسنة مطولة بزيادات جيدة».

وقال ابن كثير في البداية والنهاية (٦/ ٢٢٣): «والمقصود أن هذه الروايات كلها مخالفة لما ذهب إليه ابن إسحاق؛ من أن أصحاب الحديبية كانوا سبعمائة، وهو - والله أعلم - إنما قال ذلك تفقهاً من تلقاء نفسه؛ من حيث إن البدن كن سبعين بدنة، وكل منها عن عشرة، على اختياره، فيكون المهلون سبعمائة، ولا يلزم أن يهدي كلهم، ولا أن يحرم كلهم أيضاً».

وقال ابن حجر في الفتح (٧/ ٤٤١): «أما قول ابن إسحاق: إنهم كانوا سبعمائة؛ فلم يوافق عليه، … ».

<<  <  ج: ص:  >  >>