• قلت: هذا حديث شاذ؛ لا يحتج به في إجزاء البدنة عن عشرة.
وقد وهم فيه ابن إسحاق على الزهري في مواضع، نذكر منها فقط ما يتعلق بموضع الشاهد، حيث خالف ابن إسحاق: معمر بن راشد، وعقيل بن خالد، وسفيان بن عيينة، وابن أخي ابن شهاب الزهري، وصالح بن أبي الأخضر، على ما سيأتي تفصيله من ألفاظ أحاديثهم.
• وقد خالفهم ابن إسحاق هنا حيث قال في حديثه عن الزهري: وساق معه الهدي سبعين بدنة، وكان الناس سبعمائة رجل، فكانت كل بدنة عن عشرة نفر.
أما قوله: ساق معه الهدي سبعين بدنة، فهو صحيح في نفسه، حيث ثبت ذلك من حديث جابر، وقد تقدم بطرقه، لكن ابن إسحاق لم يتابع على ذلك فيما رواه الناس عن الزهري؛ فلا يثبت هذا التعيين للهدي والبدن التي قلدها النبي ﷺ من حديث الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم.
ففي رواية معمر بن راشد، وسفيان بن عيينة، عن الزهري: قلد رسول الله ﷺ الهدي وأشعره، وأحرم بالعمرة، فلم يذكرا كونها كانت سبعين بدنة.
ولم يذكر عقيل بن خالد، وابن أخي الزهري، وصالح بن أبي الأخضر: موضع الشاهد.
• وأما قوله: كان الناس سبعمائة رجل؛ فهو مخالف لما رواه معمر بن راشد، وسفيان بن عيينة، عن الزهري، حيث قالا: خرج رسول الله ﷺ زمن الحديبية في بضع عشرة مئة من أصحابه. وقولهما هو الصواب، وقول ابن إسحاق: خطأ بين.
ولم يذكر عقيل بن خالد، وابن أخي الزهري، وصالح بن أبي الأخضر: موضع الشاهد.
• وأما قوله: فكانت كل بدنة عن عشرة نفر؛ فهذه من كيس محمد بن إسحاق، قالها تفقهاً، كما أشار إلى ذلك ابن كثير في البداية والنهاية (٦/ ٢٢٣).
ولم يقل ذلك أحد ممن روى هذا الحديث عن الزهري، وهم: معمر بن راشد، وعقيل بن خالد، وسفيان بن عيينة، وابن أخي ابن شهاب الزهري، وصالح بن أبي الأخضر، وسيأتي ذكر ألفاظهم بموضع الشاهد، وبيان خلوها مما شذ به ابن إسحاق.
• والذي ثبت بالأسانيد الصحاح في قصة الحديبية:
• ما رواه أبي الزبير عن جابر بن عبد الله، قال: نحرنا مع رسول الله ﷺ عام الحديبية: البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة.
• وما رواه سفيان الثوري، قال: أخبرني أبو الزبير عن جابر، قال: نحرنا يوم الحديبية سبعين بدنة البدنة عن سبعة فقال رسول الله ﷺ: «اشتركوا في الهدي».
• وما رواه أبو بشر جعفر بن إياس اليشكري: أخبرنا سليمان بن قيس، عن جابر بن عبد الله، قال: نحرنا مع رسول الله ﷺ يوم الحديبية سبعين بدنة، البدنة عن سبعة.
