للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قلت للشافعي: فإنا نقول: لا تذبح البَدَنة إلا عن واحد ولا البقرة، وإنما يذبحها الرجل عن نفسه وأهل بيته، فإما أن يخرج كل إنسان منهم حصته من ثمنها، ويكون له حصة من لحمها؛ فلا، وإنما سمعنا: لا يشترك في البدنة في النسك.

قال الشافعي رحمه الله تعالى: وقد يجوز أو يقال: «لا يشترك في النسك أن يوجب الرجل النسيكة ثم يشرك فيها غيره، وليس في هذا لأحد حجة؛ لأنه كلام عربي، ولا حجة مع النبي ، وهذا فعل النبي وأصحابه وأهل الحديبية، فكان ينبغي أن يكون هذا العمل عندكم لا تخالفونه، لأنه فعل النبي وألف وأربعمائة من أصحابه».

قال الربيع: «سألت الشافعي: هل يشتري السبعة جزوراً فينحرونها عن هدي إحصار أو تمتع؟ فقال: نعم، فقلت: وما الخبر في ذلك؟ … » فأسند الحديث، ثم قال: «وإذا نحروا مع رسول الله عام الحديبية بدنة عن سبعة، وبقرة عن سبعة، فالعلم يحيط أنهم من أهل بيوتات شتى لا من أهل بيت واحد» … . ثم ساق الكلام إلى أن قال: «كان ينبغي أن يكون هذا العمل عندك لا تخالفوه؛ لأنه فعل النبي وألف وأربع مائة من أصحابه». [المعرفة (٧/ ٥١٨)] [وفي موضع آخر من المعرفة (١٤/ ٦١)؛ قال الشافعي: «وسواء في ذلك كانوا أهل بيت أو غيرهم؛ لأن أهل الحديبية كانوا من قبائل شتى، وشعوب متفرقة»].

وقال محمد بن الحسن الجوهري في نوادر الفقهاء (٧٨): «وأجمعوا أن البقرة والناقة تجزئ عن سبعة مضحين، وسواء كانوا من أهل بيت واحد أو بيوت كثيرة، إلا مالك بن أنس ل له، فإنه قال: إن كانوا أهل بيت واحد أجزتهم وإلا لم تجزهم».

وقال ابن أبي زيد القيرواني في النوادر والزيادات (٢/ ٤٥٥): «من كتاب ابن المواز: قال ابن وهب قال مالك: لا بأس أن يشترك في هدي العمرة، التي يتطوع بها الناس، وأما الواجب؛ فلا. قال محمد: لا يشترك في تطوع ولا غيره، وقد قال مالك: ومن فعله في التطوع فهو خفيف. قال مالك: ومعنى حديث جابر: نحرنا البدنة عن سبعة؛ أن ذلك في التطوع، وكانوا معتمرين. قال مالك: ومن اشترى أضحية عن نفسه، ثم بدا له أن يشرك فيها أهل بيته فلا بأس بذلك».

وقال القنازعي في تفسير الموطأ (١/ ٣٢٤): «أخذ بظاهر هذا الحديث من أجاز الاشتراك في الضحايا والهدايا، وقالوا: لا بأس أن يشترك الرجلان في الضحية، ويخرجان الثمن جميعاً، ويذبحانها ويقتسمان اللحم على قدر إخراجهما للثمن، وكذلك الهدايا، وليس لهم في هذا الحديث حجة، لأن رسول الله ساق تلك الهدايا من قبل نفسه على سبيل التطوع، لا من أجل شيء أحدثوه في إحرامهم، وكان ذلك الهدي قد قلد وأشعر من قبل أن يصدهم المشركون عن البيت، ومتى قلد الهدي وأشعر فقد وجب نحره».

قال الأبهري: والاشتراك في الضحايا والهدايا يوجب القسمة بين الشركاء، والقسمة

<<  <  ج: ص:  >  >>