للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوليد من الأوزاعي، فلا ينبغي أن يعترض حينئذ على البخاري بنقض العلة التي بنى عليها حكمه بالضعف، حيث إن البخاري لما ضعف الحديث مع صلاحية إسناده وثقة رجاله؛ نظر إلى علة قريبة غير قادحة يعلق بها استغرابه للحديث وطعنه في ثبوته، فكان أقرب العلل عنده عدم سماع الوليد له من الأوزاعي؛ فإذا تبين لنا بعد ذلك أن الوليد قد سمعه من الأوزاعي؛ فلا نرجع على الحكم بالنقض؛ طالما قد تبين لنا علة أخرى قادحة يُعلُّ بها الحديث، ويُطعن بها في ثبوته، والله أعلم.

• قال الترمذي في العلل الكبير (٢٢٨): «سألت محمداً عن حديث: الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: ذبح رسول الله عمن اعتمر من نسائه في حجة الوداع بقرة بينهن؟ فقال: إن الوليد بن مسلم لم يقل فيه: حدثنا الأوزاعي، وأراه أخذه عن يوسف بن السفر، ويوسف: ذاهب الحديث، وضعف محمد هذا الحديث».

وقال الدارقطني في الأفراد (٥٧١٢ - أطرافه): «تفرد به الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي عنه»، قلت: بل تابعه عليه ابن سماعة، وهو: ثقة ثبت.

وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه».

قلت: نعم؛ قد أخرج الشيخان بهذا الإسناد أحاديث [انظر: التحفة (١٥٣٨٣ و ١٥٣٨٤ و ١٥٣٨٧ - ١٥٣٩٠ و ١٥٣٩٣ - ١٥٣٩٦)]، لكنها في الشواهد والمتابعات، وغالباً فيما لم ينفرد به الأوزاعي عن يحيى، وفيما دلت القرائن وطرق الحديث على كون الأوزاعي قد حفظه وضبطه عن يحيى، ولم يهم فيه؛ بخلاف حديثنا هذا، لاسيما وقد أعرض عنه الشيخان؛ فلم يخرجاه ولم يخرجا شيئاً في معناه؛ إلا ما سيأتي من حديث جابر عند مسلم، وسيأتي جوابه قريباً في موضعه إن شاء الله، بل أخرجا ما يُعارضه، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

وقال البيهقي (٤/ ٣٥٤): «تفرد به الوليد بن مسلم ولم يذكر سماعه فيه عن الأوزاعي، ومحمد بن إسماعيل البخاري كان يخاف أن يكون أخذه عن يوسف بن السفر، والله أعلم»، ثم أسند الحديث من طريق ابن ميمون، وقد صرح فيه الوليد بالتحديث، ثم قال البيهقي: «فإن كان قوله: حدثنا الأوزاعي محفوظاً؛ صار الحديث جيداً».

قلت: ومن أجل ذلك قررت ما سبق بيانه؛ فليراجع، فإن البخاري أنكر الحديث أولاً، لمخالفته للأحاديث الثابتة، فإذا جاء من ينقض العلة التي علق عليها الحكم؛ فلا يسقط الحكم بسقوطها، وذلك لبقاء أصل المعارضة، وعدم انتهاض هذا الإسناد لمعارضة ما هو أقوى وأثبت من وجوه متعددة، والله أعلم.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٢/ ١٣٦): «حديث أبي هريرة هذا صحيح ثابت، ومثله ما رواه ابن جريج، وكلاهما يشهد بصحة رواية ابن شهاب هذه، ويعضدها في قوله: بقرة واحدة».

<<  <  ج: ص:  >  >>