ورواه هشام بن عمار أيضاً [وعنه: أحمد بن النضر العسكري، والحسن بن علي بن موسى البغدادي، وليسا بالمشهورين، ولا هما من أصحاب هشام]، عن عبد الملك بن محمد الصنعاني [ضعيف]، عن الأوزاعي، عن الزهري، قال: حدثني عروة، عن عائشة، قالت: ذبح رسول الله ﷺ عمن اعتمر من نسائه بقرة. لفظ ابن عبد البر.
ولفظ ابن عساكر: ذبح رسول الله ﷺ عمن تمتع من نسائه بقرة.
أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (١٢/ ١٣٥)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٦/ ٥٦).
• تنبيه: انقلب اسم راويه عند ابن عساكر، حيث قال الراوي: محمد بن عبد الملك، فتعقبه ابن عساكر بقوله:«كذا قال! وإنما هو عبد الملك بن محمد».
قلت: وهذا منكر من حديث الأوزاعي، وعبد الملك بن محمد الصنعاني، صنعاء دمشق: ضعيف، قال فيه ابن حبان في المجروحين (٢/ ١٣٦): «كان ممن يجيب في كل ما يُسأل حتى تفرد عن الثقات بالموضوعات، لا يجوز الاحتجاج بروايته» [التهذيب (٢/ ٦٢٥). علل الدارقطني (١٥/ ٦٤/ ٣٨٣٧). الخلافيات (٢/ ١٨٩ و ١٩١)] [وتقدم ذكره في طرق حديث الزهري السابق].
• قلت: هذا الحديث انفرد به أهل الشام، ومخرجه من المدينة، ولم يشتهر بها، فلم يروه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن المدني أحد من ثقات أصحابه على كثرتهم سوى يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو: ثقة ثبت، ولم يروه عن يحيى أحد من ثقات أصحابه على كثرتهم سوى الإمام أبي عمرو الأوزاعي، وهو: ثقة ثبت إمام، لكنه لم يكن يقيم حديث يحيى بن أبي كثير، لم يكن عنده في كتاب، ضاع كتابه عن يحيى، فكان يحدث به من حفظه، ويهم فيه [شرح علل الترمذي (٢/ ٦٧٧)]، وتقدم معنا في الفضل أمثلة كثيرة تدل على عدم ضبطه لحديث يحيى، وكثرة أوهامه عليه، وهذا الحديث لم يتابعه عليه عن يحيى أحد من ثقات أصحاب يحيى، مثل: هشام الدستوائي، وأبان بن يزيد العطار، والحسين بن ذكوان المعلم، وحرب بن شداد، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي، وعلي بن المبارك، وهمام بن يحيى، ومعاوية بن سلام، ومعمر بن راشد، وحجاج بن أبي عثمان الصواف، وغيرهم في خلق كثير.
• ثم هو مخالف لما روته إحدى أمهات المؤمنين، وهن أصحاب هذا الشأن، إذ هن اللاتي ذبح عنهن رسول الله ﷺ؛ فقد تقدم في الحديث السابق بيان: أن القاسم بن محمد، وعمرة بنت عبد الرحمن، كلاهما روى عن عائشة؛ أن رسول الله ﷺ ذبح عن نسائه البقر. وفي رواية: أهدى رسول الله ﷺ عن نسائه البقر.
هكذا بلفظ الجمع، لا بلفظ الإفراد، مما يدل على تعدد البقر الذي ذبحه رسول الله ﷺ عن نسائه، وأنه لم يذبح بقرة واحدة فقط، والظاهر أن الراوي لم يرد بقوله: البقر، بيان جنس المذبوح فقط، بل زاد فيه معنى التعدد، والله أعلم.
• ثم هو مخالف لما رواه أبو الزبير عن جابر، قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ