للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إلى أن هذا الاشتراك في البقرة إنما كان بين ثمان نسوة، قال: لأن عائشة لما قرنت لم يكن عليها هدي، واحتج بما في صحيح مسلم عنها من قولها: فلما كانت ليلة الحصبة وقد قضى الله حجنا، أرسل معي عبد الرحمن فأردفني، وخرج بي إلى التنعيم، فأهللت بعمرة، فقضى الله حجنا وعمرتنا، ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم. وجعل هذا أصلا في إسقاط الدم عن القارن. ولكن هذه الزيادة وهي: ولم يكن في ذلك هدي؛ مدرجة في الحديث، من كلام هشام بن عروة، بينه مسلم في الصحيح».

وقال ابن حجر في فتح الباري (٣/ ٥٥١): «ورواية يونس أخرجها النسائي وأبو داود وغيرهما، ويونس: ثقة حافظ، وقد تابعه معمر عند النسائي أيضا، ولفظه أصرح من لفظ يونس؛ قال: ما ذبح عن آل محمد في حجة الوداع إلا بقرة [قلت: هو حديث معلول، لم يسمعه الزهري من عمرة، والثابت فيه عن عمرة بلفظ الجمع]، وروى النسائي أيضا من طريق: يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: ذبح رسول الله عمن اعتمر من نسائه في حجة الوداع بقرة بينهن، صححه الحاكم [قلت: أعله البخاري؛ كما سيأتي]، وهو شاهد قوي لرواية الزهري، وأما ما رواه عمار الدهني، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ذبح عنا رسول الله يوم حججنا بقرة بقرة، أخرجه النسائي أيضا: فهو شاذ مخالف لما تقدم، وقد رواه المصنف في الأضاحي، ومسلم أيضا، من طريق: ابن عيينة، عن عبد الرحمن بن القاسم، بلفظ: ضحى رسول الله عن نسائه البقر، ولم يذكر ما زاده عمار الدهني، وأخرجه مسلم أيضا من طريق عبد العزيز الماجشون، عن عبد الرحمن، لكن بلفظ: أهدى، بدل: ضحى، والظاهر أن التصرف من الرواة، لأنه ثبت في الحديث ذكر النحر، فحمله بعضهم على الأضحية، فإن رواية أبي هريرة صريحة في أن ذلك كان عمن اعتمر من نسائه، فقويت رواية من رواه بلفظ أهدى، وتبين أنه هدي التمتع فليس فيه حجة على مالك في قوله: لا ضحايا على أهل منى، وتبين توجيه الاستدلال به على جواز الاشتراك في الهدي والأضحية، والله أعلم».

وقال القاضي عياض في إكمال المعلم (٤/ ٢٤٥): «وقولها: فأتينا بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ قال: أهدى رسول الله عن نسائه البقر»: فيه إهداء الرجل عن أهله ومن يمونه، وإن لم يجب عليه ذلك، وهذه الهدايا والله أعلم كانت تطوعا عنهن.

وفيه جواز التطوع عن الرجل بالصدقة والعتق، وما يكون من باب المال، وإخراج الكفارات عمن وجبت عليه، وإن لم تكن بأمره … ، وقد تأولها بعضهم أنه عن متعتهن أو قرانهن، ففيه جواز هدي البقر في هذا، ولم يختلف في جواز إهداء البقر إلا شاذ، وقد روي أنه أهدى عن نسائه بقرة، وروى أبو داود: أنه نحر في حجة الوداع عن آل محمد بقرة واحدة، فيستدل بهذا من يرى الشريك في الواجب، وقد تقدم الكلام والخلاف فيه، وأن مالكا لا يراه، ويحتمل أنه ذبح عن كل واحدة بقرة، ويدل قوله: البقر؛ أنها

<<  <  ج: ص:  >  >>