فافعلي ما يفعل الحاج؛ غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري»، فلما قدمنا مكة، قال رسول الله ﷺ لأصحابه:«اجعلوها عمرة»، فحلَّ الناسُ إلا من كان معه هدي، وكان الهدي مع رسول الله ﷺ، وأبي بكر وعمر وذوي اليسارة، قالت: ثم راحوا مهلين بالحج، فلما كان يوم النحر طهرت، فأرسلني رسول الله ﷺ فأفضتُ، يعني: طفتُ.
قالت: فأتينا بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ قالوا: هذا رسول الله ﷺ ذبح عن نسائه البقر [كذا في رواية أبي النضر عند أحمد، وفي رواية أبي نعيم عند الدارمي والطحاوي، ورواية أبي عامر عند مسلم: أهدى رسول الله ﷺ عن نسائه البقر].
قالت: فلما كانت ليلة الحصبة، قلت: يا رسول الله! يرجع الناس بحجة وعمرة، وأرجع بحجة؟ فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني على جمله، قالت: فإني لأذكر وأنا جارية حديثة السنّ، أني أنعُسُ، فتضرب وجهي مُؤْخِرةُ الرحل، حتى جاء بي التنعيم، فأهللت بعمرة جزاء العمرة الناس التي اعتمروا. لفظ الماجشون [عند أحمد (٦/ ٢٧٣)، ومسلم، ولفظه عند البخاري مختصر].
ولفظ حماد [عند أحمد (٦/ ٢١٩)، وأبي داود، ولم يسقه مسلم بتمامه]: لبينا بالحج حتى إذا كنا بسرف حضتُ، فدخل عليَّ رسول الله ﷺ وأنا أبكي، فقال:«ما يبكيك يا عائشة؟»، قلت: حضتُ ليتني لم أكن حججت، قال:«سبحان الله! إنما ذاك شيء كتبه الله ﷺ على بنات آدم، انسكي المناسك كلها؛ غير أن لا تطوفي بالبيت»، قالت: فلما دخلنا مكة، قال رسول الله ﷺ:«من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها عمرة؛ إلا من كان معه الهدي».
قالت: وذبح رسول الله ﷺ عن نسائه البقر يوم النحر.
فلما كانت ليلة البطحاء [وفي رواية: النفر] طَهُرَت [عائشة ﵂]، فقالت: قلت: يا رسول الله! أترجع صواحبي بحجة وعمرة، وأرجع أنا بحجة، فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر فذهب بي إلى التنعيم فلبيتُ بعمرة. [قلت: لم يأت في رواية الجماعة التخيير في العمرة، بل أمرهم بها، ولم يخيرهم، ورواية الجماعة هي المحفوظة، وهم في ذكر التخيير: حماد بن سلمة، كما وهم أيضاً في كونها طهرت يوم النفر، والمحفوظ أنها طهرت يوم النحر].
ولفظ عمرو بن الحارث [عند ابن حبان]: خرجنا مع رسول الله ﷺ حجاجاً، حتى قدمنا سرف فحضتُ، فدخل عليَّ رسول الله ﷺ وأنا أبكي، فقال:«ما لك؟»، فقلت: ليتني لم أحج العام، قال:«ما لك؟»، قلت: حضتُ، قال: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، فاصنعي كما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت، فلما قدمنا مكة قال النبي ﷺ:«اجعلوها عمرة»، ففعلوا، فمن لم يسق هدياً حل، وساق رسول الله ﷺ وأبو بكر وعمر وناس من أصحابه من أهل اليسار فلم يحلوا.