في عزيمة الطلاق … والفيء الجماع، وعن مقسم، عن ابن عباس: أن عمر قنت في الفجر، هو حديث القنوت، وأيضاً: عن مقسم رأيه في محرم أصاب صيداً، قال: عليه جزاؤه، فإن لم يكن عنده، قوم الجزاء دراهم، ثم تقوم الدراهم طعاماً».
قلت: فما روى غير هذا؟ قال: «الله أعلم، يقولون: هي كتاب، أرى حجاجاً روى عنه عن مقسم عن ابن عباس نحواً من خمسين حديثاً، وابن أبي ليلى يغلط في أحاديث من أحاديث الحكم»، وسمعت أبي مرة يقول: «قال شعبة: هذه الأربعة التي يصححها الحكم سماع من مقسم».
وقال البخاري في جزء رفع اليدين (١٤٣): «وقال شعبة: أن الحكم لم يسمع من مقسم إلا أربعة أحاديث، … وحديث الحكم عن مقسم مرسل، … » [راجع الكلام في رواية الحكم عن مقسم: فضل الرحيم الودود (٣/٢٦٢/٢٦٤) و (٦/ ٦٩/ ٥١٣) و (٨/ ٣١٤/ ٧٥٢) و (١١/ ٥٢٤/ ١٠٩٥) و (١٦/ ٤٦٧/ ١٣٩٨) و (١٧/ ٤٥١/ ١٤٤٦). بحوث حديثية في الحج (٩٧ و ٤٢)].
قلت: فلا يثبت عندنا الاتصال في هذا الحديث بين الحكم ومقسم؛ لأن هذا من الأحاديث التي لم يسمعها منه؛ إنما هي كتاب، والله أعلم.
وقد تفرد به عن الحكم بهذا الوجه: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو: ليس بالقوي، كان سيئ الحفظ جداً، كثير الوهم، غلب عليه الاشتغال بالفقه والقضاء؛ فلم يكن يحفظ الأسانيد والمتون، وكان يغلط في أحاديث الحكم [انظر: التهذيب (٣/ ٦٢٧). الميزان (٣/ ٦١٣)].
لكنا نأخذ من هذا الحديث القدر الذي أصاب فيه؛ دون بقية ما انفرد به من حديث ابن عباس:
فقد رواه سفيان الثوري [في المحفوظ عنه]، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس؛ أن النبي ﷺ أهدى في بدنه جملاً لأبي جهل، برته من فضة.
ورواه محمد بن إسحاق، وجرير بن حازم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بن جبر، عن ابن عباس؛ أن رسول الله ﷺ قد كان أهدى جمل أبي جهل الذي كان استلب يوم بدر، في رأسه برة من فضة، عام الحديبية في هديه، ليغيظ بذلك المشركين. لفظ ابن إسحاق.
ولفظ جرير: أن رسول الله ﷺ أهدى في بدنه بعيراً، كان لأبي جهل، في أنفه برة من فضة. وتقدم ذلك كله.
• وعليه: فإن مجموع هذه الطرق يقوي بعضها بعضاً، وبها يصح حديث ابن إسحاق:
أن رسول الله ﷺ قد كان أهدى جمل أبي جهل الذي كان استلب يوم بدر، في رأسه برة من فضة، عام الحديبية في هديه، ليغيظ بذلك المشركين.