يروى عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن مجاهد مرسلا [وحكاه أبو علي الطوسي في مستخرجه].
وجرى فيه ابن خزيمة على ظاهر السند فصححه، واحتج به على عدد الحجج،
فقال: «باب ذكر عدد حجج النبي ﷺ، والدليل على ضد ما توهمه العامة أن النبي ﷺ لم يحج إلا حجة واحدة، والنبي ﷺ إنما حج حجة واحدة بعد هجرته إلى المدينة، فأما ما قبل الهجرة فقد حج النبي ﷺ غير تلك الحجة التي حجها من المدينة».
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه».
وقال البيهقي في السنن (٥/١٢): «وكيف يكون هذا صحيحا، وقد روي من أوجه عن جابر في إحرام النبي ﷺ خلاف هذا؟ وقد قال أبو عيسى الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث خطأ، وإنما روي هذا عن الثوري مرسلا، قال البخاري: وكان زيد بن الحباب إذا روى حفظا ربما غلط في الشيء.
وقد روي في حديث ابن عباس وليس بمحفوظ».
وقال في الدلائل (٥/ ٤٥٤): «تفرد به: زيد بن الحباب عن سفيان، وقد بلغني عن محمد بن إسماعيل البخاري ﵀؛ أنه قال: هذا حديث خطأ، وإنما روي عن الثوري عن أبي إسحاق عن مجاهد عن النبي ﷺ مرسلا، قال البخاري: وكان زيد بن الحباب إذا روى حفظا ربما غلط في الشيء. قلت: وأما قوله: وحجة معها عمرة، فإنما يقول ذلك أنس بن مالك ومن ذهب من الصحابة ﵃ إلى أن النبي ﷺ قرن، فأما من ذهب إلى أنه أفرد فإنه لا يكاد تصح عنده هذه اللفظة لما في إسناده من الاختلاف وغيره، والله أعلم».
وقال البيهقي في الخلافيات [٣/ ١٦٠ - مختصر ابن فروخ]: «وكذا رواه غير واحد عن زيد بن الحباب، وكأنه أراد بذلك - والله أعلم، إن صح - الجمع بينهما في سنة واحدة، لا في عقد واحد؛ فقد روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر ﵄؛ الحديث الطويل المشهور في إخباره عن حجة رسول الله ﷺ وأنه كان مفردا».
وقال الذهبي في تاريخ الإسلام (١/ ٤٧٥ - ٤٧٦)، وفي السير (٢/ ٢٩٦): «تفرد به زيد، وقيل: إنه أخطأ، وإنما يروي عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن مجاهد؛ مرسلا».
وقال ابن كثير في البداية والنهاية (٧/ ٤٧٣): « … وأما ابن ماجه فرواه عن القاسم بن محمد بن عباد المهلبي، عن عبد الله بن داود الخريبي، عن سفيان به. وهذه طريق لم يقف عليها الترمذي ولا البيهقي، وربما ولا البخاري حيث تكلم في زيد بن الحباب ظانا أنه انفرد به وليس كذلك، والله أعلم».
قلت: قد اشتهر الحديث بهذا السياق من حديث زيد بن الحباب، ولم يشتهر من حديث الخريبي، ولذا جزموا بتفرد زيد به؛ لأن الحديث الغريب الذي لم يشتهر عن راويه، يحتمل أمورا، منها: ترك الحفاظ له لكونه حديثا غلطا فأعرضوا عنه، وعن تداوله، أو لعدم اشتهار الحديث عن راويه في بلده.