ابن إسحاق لمجرد عدم تصريحه فيه بالسماع، وقد سبق بحث مسألة تدليس ابن إسحاق في فضل الرحيم الودود، ومما قلت هناك: أن الأصل في حديث المدلس الاحتجاج به، حتى يتبين لنا أنه دلسه عن مجروح أو مبهم، فعندئذ يسقط الاحتجاج بهذا الحديث المعين، والله أعلم [راجع بحث تدليس ابن إسحاق موسعا في فضل الرحيم الودود (٩/ ٦١/ ٨١٤)].
• ولحديث ابن عمر هذا في صفة التلبية طرق أخرى، ولكن اقتصرت منه على موضع الشاهد، وسيأتي تخريجه بطرقه موسعا في موضعه من السنن برقم (١٨١٢)، إن شاء الله تعالى.
وفي الباب:
• عن حفصة أم المؤمنين:
يرويه نافع، عن ابن عمر، عن حفصة ﵃؛ أنها قالت: يا رسول الله! ما شأن الناس حلوا بعمرة، ولم تحلل أنت من عمرتك؟ قال:«إني لبدت رأسي، وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر».
وهو حديث متفق على صحته [أخرجه البخاري (١٥٦٦ و ١٦٩٧ و ١٧٢٥ و ٤٣٩٨ و ٥٩١٦)، ومسلم (١٢٢٩)]، وسيأتي تخريجه مستوفى في موضعه من السنن برقم (١٨٠٦)، إن شاء الله تعالى.
• قال البيهقي في المعرفة (٧/ ٣٢١ - ٣٢٢): «قال الشافعي في الإملاء في رواية أبي سعيد: ومن لبد شعره أو عقصه أو ضفره حلق اختيارا، ولم يقصر، وقد كان ابن عباس يقول: هو ما نوى، يريد: أن له أن يحلق أو يقصر، ولو قصر لم أر عليه فدية، لقول الله ﷿: ﴿آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ﴾، فدعا رسول الله ﷺ للمحلقين مرتين أو ثلاثا، ودعا للمقصرين مرة. وقال في القديم: يجب عليه الحلاق، وهكذا روي عن النبي ﷺ، وعمر» [وانظر: الحاوي للماوردي (٤/ ١٦٢)، المجموع شرح المهذب (٨/ ٢١٨)].
وقال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (١٤٤٢): «قلت: من لبد أو ضفر أو عقص فليحلق؟ قال أحمد: يعني: وجب عليه الحلق، ليس له أن يقصر. قال إسحاق: كما قال».
وقال ابن المنذر في الإشراف (٣/ ٣٥٧): «وقد اختلف أهل العلم فيما يجب على من لبد رأسه في حجته، أو عقصه:
فثبت عن عمر بن الخطاب، وابن عمر: أنهما أمرا من لبد رأسه أن يحلق.
وبه قال الثوري.
وكان مالك يأمر من لبد رأسه، أو عقص بالحلاق، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال أبو ثور: من لبد، أو ضفر فليحلق.