أصبح محرما ينضخ مني ريح الطيب، ولأن أتمسح بالقطران أحب إلي منه، قال أبي: فأرسل بعض بني عبد الله إلى عائشة؛ ليسمع إياه ما قالت، فجاء الرسول، فقال: قالت: طيبت رسول الله ﷺ، فسكت ابن عمر.
وتابعه على هذا السياق: أبو عوانة [عند الطحاوي]: سألت ابن عمر ﵄ عن الطيب عند الإحرام، فقال: ما أحب أن أصبح محرما ينضح مني ريح الطيب، فأرسل ابن عمر ﵄ بعض بنيه إلى عائشة ﵂، ليسمع أباه ما قالت، قال: فقالت عائشة ﵂: أنا طيبت رسول الله ﷺ ثم طاف في نسائه فأصبح محرما، فسكت ابن عمر ﵄.
أخرجه البخاري (٢٦٧) و (٢٧٠)، ومسلم (١١٩٢)، وأبو عوانة (٩/٣٧/٣٥٣٧) و (٩/٣٨/٣٥٣٨) و (٩/٣٩/٣٥٣٩)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (٣/٢٧٩/٢٧٢٨ و ٢٧٢٩)، والنسائي في المجتبى (١/٢٠٣/٤١٧) و (١/٢٠٩/٤٣١) و (٥/١٤١/٢٧٠٤ و ٢٧٠٥)، وفي الكبرى (٤/٣٥/٣٦٧٠ و ٣٦٧١)، وابن خزيمة (٤/١٥٧/٢٥٨٨)، وأحمد (٦/ ١٧٥)، والحميدي (٢١٨)، وابن أبي شيبة (٨/ ٩١/ ١٤٠١٢ - ط الشثري)، وإسحاق بن راهويه (١٦٣٤ و ١٦٣٥ - ط دار التأصيل)، والطحاوي في شرح المعاني (٢/ ١٣٢)، والطبراني في الأوسط (٢٣٧)، وأبو نعيم في الحلية (٧/ ٢٢٨)، والبيهقي في السنن (٥/٣٥)، وفي المعرفة (٧/ ١١٦/ ٩٤٩٠)، وابن عبد البر في التمهيد (١٩/ ٣٠٨)، وأبو نعيم الحداد في جامع الصحيحين (٢/ ٢٧٩/ ١٣٢٣). [التحفة (١١/ ٧١٥/ ١٧٥٩٨)، الإتحاف (١٧/ ٥٣٠/ ٢٢٧٣٩)، المسند المصنف (٣٨/٣١/١٨١٢٩)].
قال الطحاوي:«فدل هذا الحديث على أنه قد كان بين إحرامه وبين تطييبها إياه غسل؛ لأنه لا يطوف عليهن إلا اغتسل».
وقال ابن رجب في الفتح (١/ ٢٩٨): «ووجه استدلال البخاري بالحديث على أن تكرار الجماع بغسل واحد: أن النبي ﷺ لو اغتسل من كل واحدة من نسائه لكان قد اغتسل تسع مرات، فيبعد حينئذ أن يبقى للطيب أثر، فلما أخبرت أنه أصبح ينضخ طيبا، استدل بذلك على أنه اكتفى بغسل واحد.
واستبعاد الإسماعيلي بقاء أثر الطيب بعد الغسل الواحد ليس بشيء، فقد أخبرت عائشة أنها نظرت إلى الطيب في مفرق رسول الله ﷺ وهو محرم بعد ثلاث، وفي رواية عنها: في رأسه ولحيته. وقد كان ﷺ يوضأ في هذه المدة، بل كانت عادته الوضوء لكل صلاة، ومع هذا فلم يذهب أثره من شعره، وهذا يدل على أنه كان طيبا كثيرا له جرم يبقى مدة».
قلت: ما قاله محتمل، وإنما تفهم الآثار إذا جمعنا طرقها، فيفسر بعضها بعضا، وقد احتجت عائشة بهذا الحديث على ابن عمر في إنكاره التطيب قبل الإحرام، ولما بلغ ابن عمر قول عائشة سكت، فدل على صحة الاحتجاج به على جواز التطيب قبل الإحرام مباشرة بغير فاصل، وعامة أصحاب عائشة وخاصتها مثل القاسم وعروة وعمرة والأسود