كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود

٥ - كتاب المناسك - ١٠ - باب الحائض تهل بالحج - ج: 23 - ص: 513

ثقة، من رجال الصحيحين، وتابعه أيضاً أبو غزية محمد بن موسى بن مسكين القاضي، فرواه عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه؛ أن رسول الله ﷺ اغتسل لإحرامه، رواه الدارقطني والبيهقي في سننه من طريقه، وقد ضعفوه؛ قال أبو حاتم الرازي: ضعيف، وقال ابن حبان: يسرق الحديث ويحدث به، يروي عن الثقات الموضوعات، وقال ابن صاعد هذا حديث غريب ما سمعناه إلا منه. قال العقيلي بعد أن أخرجه في تاريخ الضعفاء من طريقه: لا يتابع عليه إلا من طريق فيها ضعف، ولما أخرجه البيهقي في سننه، قال: أبو غزية ليس بالقوي. وقال الحاكم: ثقة».

قلت: يظهر من كلام الأئمة المتقدمين استغراب هذا الحديث من حديث ابن أبي الزناد، فهذا الترمذي لم يروه إلا من طريق عبد الله بن يعقوب المدني، واستغربه، وضاق مخرجه على أبي علي الطوسي فعلقه من هذا الوجه واستغربه، وضاق مخرجه أيضاً على الدارمي وابن خزيمة فما أخرجاه إلا من طريقه.

وأما ابن صاعد، والعقيلي، والطبراني، والدارقطني والمخلص، وأبو نعيم؛ فضاق عليهم المخرج فما أخرجوه إلا من طريق أبي غزية محمد بن موسى القاضي، واستغربه ابن صاعد، وقال العقيلي: «ولا يتابع عليه إلا من طريق فيها ضعف».

وأخرجه ابن المنذر من طريق عبد الله بن يعقوب، وأبي غزية معاً.

فأين هؤلاء جميعاً عن طريق شاذان؛ ألم يكن وجد بعد؟! أم خفي عليهم جميعاً؟!

وأما البيهقي فإنه أخرجه من طريق أبي غزية، ثم أتبعه بطريق شاذان، فقال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ [هو الحافظ الكبير أبو عبد الله الحاكم المعروف بابن البيع، صاحب المستدرك]: حدثني محمد بن إسماعيل السكري - وكتبه لي بخطه -: ثنا محمد بن سليمان الدلال: ثنا نصر بن عبد الله بن مروان النيسابوري ببغداد: ثنا الأسود بن عامر شاذان: ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد به.

قلت: هو غريب جداً من حديث شاذان الأسود بن عامر، تفرد به عنه دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم: نصر بن عبد الله بن مروان النيسابوري نزيل بغداد، وهو: صدوق، وقد روى عنه جمع من الحفاظ، منهم: أبو حاتم الرازي، وابنه عبد الرحمن، وموسى بن هارون الحمال الحافظ، ويحيى ابن صاعد، ومحمد بن أحمد بن المؤمل الناقد، ومحمد بن مخلد الدوري، وغيرهم؛ فلو كان هذا الحديث عند نصر هذا فلماذا لم يحمله عنه ابن صاعد، ولماذا يجزم بعد ذلك ابن صاعد بأنه لم يسمعه إلا من طريق أبي غزية [الجرح والتعديل (٨/ ٤٧٢)، تاريخ بغداد (١٥/ ٣٩٣)، تلخيص المتشابه في الرسم (١/ ٤٨١)، تاريخ الإسلام (٦/ ٢٢١)]، وأبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس النيسابوري الدلال: شيخ لابن حبان أخرج له في صحيحه (٨٣٦ و ١٨١٢ و ٢٦٩٩ و ٣٢٩٩ و ٣٣٠٢)، وروى عن البخاري كتاب التاريخ الكبير، وأنفق على طلب العلم أموالاً كثيرة، وسئل أبو عبد الله محمد بن يعقوب ابن الأخرم الحافظ عنه، فقال: «ما أنكرنا عليه إلا