وقد روي عن مالك؛ أنها تغتسل كما تغتسل غير الحائض، وإن لم تطف.
وذكر ابن خويز منداد: أن مذهب مالك في الغسل للإهلال: أنه سنة، قال: وهو أوكد عنده من غسل الجمعة، قال: ولا يجوز ترك السنة اختياراً، قال: ومن تركه فقد أساء، وإحرامه صحيح، كمن صلى الجمعة على غير غسل.
قال: وقال الشافعي: ينبغي لمن أراد الإحرام أن يغتسل، فإن لم يفعل فقد أساء إن تعمد ذلك، ولا شيء عليه.
قال: وقال أبو حنيفة والأوزاعي والثوري: يجزئه الوضوء، وهو قول إبراهيم.
وقال أهل الظاهر: الغسل عند الإهلال واجب على كل من أراد أن يحرم بالحج، طاهراً كان أو غير طاهر.
وقد روي عن الحسن البصري ما يدل على هذا المذهب، قال الحسن: إذا نسي الغسل عند إحرامه، فإنه يغتسل إذا ذكره.
وقد روي عن عطاء إيجابه، وروي عنه أن الوضوء يكفي عنه» وقال نحوه في الاستذكار [(٤/٥)].
وقال أبو الوليد الباجي في المنتقى [(٣/ ٣١٤)]: «قوله في هذا الحديث: بذي الحليفة، وفي الحديث المتقدم بالبيداء ليسا بمختلفين؛ لأن البيداء متصلة بذي الحليفة، ويحتمل أن يكون منزل أسماء مع أبي بكر ومبيتهما بها، فنسب الراوي ذلك إلى الحليفة؛ لأنها كانت المقصودة بالمنزول فيها، ولعل أبا بكر ﵁ قصد النزول في ناحية منها للانفراد من الناس لا سيما لحاجة أهله إلى الولادة.
وقد قال عبد الرحمن بن مهدي في روايته عن مالك: حديث عبد الرحمن بن القاسم أن أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر بذي الحليفة، وذلك كله لتقارب الموضعين، ولما قدمنا ذكره، وأما الإهلال فلا يكون إلا بذي الحليفة».
وقال القاضي عياض في إكمال المعلم [(٤/ ٢٢٨)]: «وقوله: نفست أسماء بنت عميس بالشجرة، فأمر رسول الله ﷺ أبا بكر أن تغتسل وتهل يقال في الحيض والولادة: نفست ونفست بالضم والفتح والضم في الولادة، والفتح في الحيض أكبر، وحكى الحربي وغير واحد أنه لا يقال في الحيض إلا بالفتح، وحكى الوجهين فيهما صاحب الأفعال.
قال الإمام في الحج ثلاثة أغسال: إحداها للإحرام. والثاني: لدخول مكة.
والثالث: للوقوف بعرفة. وأكدها غسل الإحرام. والحائض والنفساء يغتسلان للإحرام،
والوقوف، ولا يغتسلان لدخول مكة؛ لأنه لأجل الطواف، وهما لا يدخلان المسجد».
قال القاضي: «هذه الأغسال عندنا سنن مؤكدة غير واجبة، وقد زاد بعض علمائنا فيها غسل الطواف بالبيت، وأوكدها غسل الإحرام، قال بعض أصحابنا عنه: إنه أوكد عنده من غسل الجمعة، ويستدل من قال بتأكيده بأمر النبي ﷺ للنفساء به، وقد أطلق - أيضاً - مالك على جميعها الاستحباب وبقولنا في تأكيد غسل الإحرام: قال الشافعي في جماعة