وقال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (١٣٨١): «قلت: الحائض إذا بلغت الميقات؟ قال: تغتسل وتهل، وتصنع ما يصنع الحاج، غير أن لا تطوف بالبيت والصفا والمروة، ولا تدخل المسجد. قال إسحاق: كما قال».
وقال ابن المنذر في الإشراف (٣/ ١٨٣): «ثبت أن رسول الله ﷺ أمر أسماء وهي نفساء أن تغتسل وتحرم، واستحب الاغتسال عند الإحرام: طاووس، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكان ابن عمر: يتوضأ أحيانا، ويغتسل أحيانا، وقد أجمع عوام أهل العلم على أن الإحرام جائز بغير اغتسال، وأجمعوا على [أن]: الاغتسال للإحرام غير واجب؛ إلا ما روي عن الحسن البصري، فإن الحسن قال: إذا نسي الغسل عند إحرامه يغتسل إذا ذكر، وقد اختلف فيه عطاء، وقال مرة: يكفي منه الوضوء، وقال مرة غير ذلك، قال أبو بكر: أستحب الاغتسال عند الإحرام، وليس بواجب».
وقال عبد الرحمن بن مروان القنازعي في تفسير الموطأ (٢/ ٦٠١): «في هذا الحديث من الفقه: حج الرجل بزوجته وإن كانت حاملا، والغسل عند الإهلال بالحج، وفي أمر النبي ﷺ النفساء بالغسل عند الإحرام: دليل على تأكيد الغسل عند الإحرام، إذ يؤمر به من لا يصلي، ومن تركه فقد أثم، ولم يكن عليه في ذلك فدية».
وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٢/ ٣١٩ - ط الفرقان): «في أمر رسول الله ﷺ أسماء، وهي نفساء بالغسل عند الإهلال، وقوله في الحائض والنفساء: أنهما تغتسلان، ثم تحرمان؛ دليل على تأكيد الغسل للإحرام، إلا أن جمهور أهل العلم لا يوجبونه، وهو عند مالك وأصحابه سنة مؤكدة، لا يرخصون في تركها، إلا من عذر بين، وروى ابن نافع، عن مالك: أنه استحب الأخذ بقول ابن عمر في الاغتسال للإهلال بذي الحليفة، وبذي طوى، لدخول مكة، وعند الرواح إلى عرفة، قال: ولو تركه تارك من عذر، لم أر عليه شيئا، وقال ابن القاسم: لا يترك الرجل ولا المرأة الغسل عند الإحرام إلا من ضرورة.
قال: وقال مالك: إن اغتسل بالمدينة وهو يريد الإحرام، ثم مضى من فوره إلى ذي الحليفة فأحرم، فأرى غسله مجزيا عنه.
قال: وإن اغتسل بالمدينة غدوة، ثم أقام إلى العشي، ثم راح إلى ذي الحليفة فأحرم، قال: لا يجزئه الغسل إلا أن يغتسل، ويركب من فوره، أو يأتي ذا الحليفة فيغتسل إذا أراد الإحرام.
قال أحمد بن المعذل، عن عبد الملك بن الماجشون: الغسل عند الإحرام لازم، إلا أنه ليس في تركه ناسيا ولا عامدا دم ولا فدية، قال: وإن ذكره بعد الإهلال، فلا أرى عليه غسلا، ولم أسمع أحدا قاله، قال: والحائض تغتسل لأنها من أهل الحج، وكذلك النفساء، تغتسلان للإحرام، أو للوقوف بعرفة.
وقال ابن نافع عن مالك: لا تغتسل الحائض بذي طوى؛ لأنها لا تطوف بالبيت.