وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (٢/ ٤٥٠): «مالك في الموطأ: عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن أسماء بنت عُمَيس؛ أنها ولدت محمد بن أبي بكر الصديق بالبيداء، فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله ﷺ، فقال: «مُرها فلتغتسل ثم لتهل». وهذا مرسل، وقد وصله مسلم من حديث عبيد الله بن عمر، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: نفست أسماء، وقال الدارقطني في العلل: الصحيح قول مالك ومن وافقه؛ يعني: مرسلاً، ورواه النسائي من حديث يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن أبيه، عن أبي بكر، وهو مرسل أيضاً؛ لأن محمداً لم يسمع من النبي ﷺ، ولا من أبيه، نعم يحتمل أن يكون سمع ذلك من أمه لكن قد قيل: إن القاسم أيضاً لم يسمع من أبيه».
قلت: تقدم بيان الراجح؛ فأغنى عن الإعادة.
وقد جاءت قصة أسماء بنت عُمَيس هذه أيضاً من حديث جابر:
رواه جرير بن عبد الحميد، عن يحيى بن سعيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله ﵄، في حديث أسماء بنت عُمَيس، حين نفست بذي الحليفة؛ أن رسول الله ﷺ أمر أبا بكر ﵁، فأمرها أن تغتسل وتُهلَّ.
أخرجه مسلم (١٢١٠)، وحديث جابر هذا سيأتي تخريجه بطرقه موسعاً في موضعه من السنن برقم (١٩٠٥)؛ إن شاء الله تعالى.
قال ابن عبد البر في التمهيد (١٢/ ٣١٨): «وقد روى قصة أسماء هذه: جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر في الحديث الطويل، وهو حديث صحيح، وروى ابن عباس، عن النبي ﷺ في الحائض والنفساء هذا المعنى، وهو صحيح مجتمع عليه لا خلاف بين العلماء فيه، كلهم يأمر النفساء بالاغتسال على ما في هذا الحديث، وتهل بحجها، وعمرتها، وهي كذلك، وحكمها حكم الحائض، تقضي المناسك كلها وتشهدها، غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر».
• قال الشيباني بعد حديث مالك عن عبد الرحمن بن القاسم في موطئه:«وبهذا نأخذ في النفساء، والحائض جميعاً، وهو قول أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا».
وقال ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (٢/ ٨٨٠/ ٣٧١٧ - السفر الثاني): «قال لنا أحمد بن عبد الله بن يونس حين حدثنا هذا الحديث - حديث عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه في شأن أسماء؛ قال لي مالك، - يعني: ابن أنس -: احفظ ما يراد من هذا الحديث؛ يقول: إنه أمرها أن تغتسل وتُهل، وهي نفساء مثل الحائض، فأمرها أن تهل وهي كذلك».
وقال ابن هانئ في مسائله لأحمد (٦٩٢): «وسئل عن النفساء تريد أن تحرم؟ فاحتج بحديث أسماء بنت عُمَيس، أنها حجت مع رسول الله ﷺ فنفست بمحمد بن أبي بكر، فأمرها أبو بكر أن تغتسل، وأن تحرم، وقال أبو عبد الله: تغتسل وتحرم».