وقال النووي في المجموع (٧/ ٢١١): «وأما حديث القاسم فصحيح، رواه مالك في الموطأ هكذا مرسلا، كما رواه المصنف عن القاسم أن أسماء ولدت فذكره بكماله، وهذا اللفظ يقتضي إرسال الحديث؛ فإن القاسم تابعي، وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ﵁، ورواه ابن ماجه كذلك في رواية له، ورواه مسلم في صحيحه، عن القاسم، عن عائشة؛ أن أسماء ولدت … فذكره بلفظه، هكذا متصلا بذكر عائشة، وكذلك رواه أبو داود في سننه، والدارمي، وابن ماجه في روايته الأخرى، وغيرهم، فالحديث متصل صحيح، وكفى به صحة رواية مسلم له في صحيحه، ووصله ثابت في صحيح مسلم من رواية عبيد الله بن عمر العمري، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، وناهيك بهذا صحة، وثبت هذا الحديث في صحيح مسلم أيضا من رواية جابر بن عبد الله ﵄».
وقال ابن دقيق العيد في الإمام:«هذا منقطع عندهم، إذ القاسم بن محمد لم يلق أسماء» [تحفة التحصيل (٢٦١)].
خالفهم: ابن حزم فقال في حجة الوداع بعد رواية ابن القاسم عن مالك بالعنعنة: «فهذه الرواية أصح من الأولى؛ لأن أسماء بنت عميس عمرت بعد ابنها محمد، وكانت تحت علي بن أبي طالب، وعاشت بعده، فلا ينكر سماع القاسم منها، وأما سماعه من عائشة لا فهو الصحيح المشهور المتيقن المأثور، وقد ذكرناه قبل، وليس فيه هذا اللفظ، وهذه الرواية كما ترى ليس فيها منع الطواف بالبيت، ولا يجوز تعدي ما أمر به النبي ﷺ ولا الزيادة في أمره، ما لم يأمر به، والبيداء والشجرة وذو الحليفة مواضع متجاورة، مختلط بعضها ببعض، فصحت الأحاديث في ذلك، والحمد لله رب العالمين».
والحاصل: فإنه قد اختلف على عبد الرحمن بن القاسم في إسناد هذا الحديث:
أ - فرواه عبيد الله بن عمر العمري [في المحفوظ عنه]، وأخوه عبد الله بن عمر [في المحفوظ عنه]:
عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: نفست أسماء … الحديث.
ب - وخالفهما: مالك بن أنس، فرواه عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن أسماء بنت عميس؛ أنها ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء، فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله ﷺ، فقال:«مرها فلتغتسل، ثم لتهل». وفي رواية: أن أسماء بنت عميس ولدت محمد.
قال الدارقطني في التتبع (٢٠٥): «وأخرج أيضا [يعني: مسلما]: حديث عبدة، عن عبيد الله، عن ابن القاسم، عن أبيه، عن عائشة: نفست أسماء بمحمد بن أبي بكر، فأمر النبي ﷺ أبا بكر أن تغتسل وتهل».
ثم قال: «خالفه مالك، عن عبد الرحمن، عن أبيه مرسلا، ليس فيه عائشة، وهو الصواب، وحديث عبدة: خطأ.