• ولا يعارض بهذا أثر ابن عباس، فالأول في الترك والنسيان، وهذا في التقديم والتأخير، والعمل على أثر ابن عباس، دون قول سعيد بن جبير؛ فإن ظاهره معارض بنص صريح.
• ففي حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي: وقف رسول الله ﷺ في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاء رجل فقال: يا رسول الله! لم أشعر فحلقت قبل أن أنحر؟ فقال: «اذبح ولا حرج»، ثم جاءه رجل آخر، فقال: يا رسول الله! لم أشعر فنحرت قبل أن أرمى؟ فقال: «ارم ولا حرج»، قال: فما سئل رسول الله ﷺ عن شيءٍ قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال: «افعل ولا حرج».
وفي رواية [عند مسلم]: وقف رسول الله ﷺ على راحلته، فطفق ناس يسألونه، فيقول القائل منهم: يا رسول الله! إني لم أكن أشعر أن الرمي قبل النحر، فنحرت قبل الرمي، فقال رسول الله ﷺ: «فارم، ولا حرج»، قال: وطفق آخر يقول: إني لم أشعر أن النحر قبل الحلق، فحلقت قبل أن أنحر، فيقول: «انحر، ولا حرج»، قال: فما سمعته يسأل يومئذ عن أمر، مما ينسى المرء ويجهل، من تقديم بعض الأمور قبل بعض، وأشباهها، إلا قال رسول الله ﷺ: «افعلوا ذلك، ولا حرج».
أخرجه البخاري (٨٣ و ١٢٤ و ١٧٣٦ و ١٧٣٧ و ١٧٣٨ و ٦٦٦٥)، ومسلم (١٣٠٦)، ويأتي تخريجه عند أبو داود برقم (٢٠١٤)؛ إن شاء الله تعالى.
• وفي حديث ابن عباس: قال رجل للنبي ﷺ: زرت قبل أن أرمي، قال «لا حرج». قال: حلقت قبل أن أذبح، قال: «لا حرج». قال: ذبحت قبل أن أرمي، قال: «لا حرج».
وفي رواية: أن النبي ﷺ قيل له: في الذبح والحلق، والرمي، والتقديم، والتأخير، فقال: «لا حرج».
أخرجه البخاري (٨٤ و ١٧٢١ و ١٧٢٢ و ١٧٢٣ و ١٧٣٤ و ١٧٣٥ و ٦٦٦٦)، ومسلم (١٣٠٧)، ويأتي تخريجه عند أبو داود برقم (٢٠١٤)؛ إن شاء الله تعالى.
• قال ابن عبد البر في الاستذكار (٤/ ٢١٢): «وثبت عن ابن عباس أنه قال: من نسي من نسكه شيئاً فليهرق دماً».
وقال أحمد في رواية أبي طالب عنه: «وإذا دخل مكة بغير إحرام؛ فإن كان عليه وقت وأراد الحج رجع إلى الميقات فأهل منه، ولا دم عليه، فإن خاف الفوات أحرم من مكة، وعليه دم». [زاد المسافر (٢/ ٥١٢/ ١٥٥٧)].
وظاهر كلام أحمد أنه يحتج بأثر ابن عباس هذا في التروك، قال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (١٤٤٦): «من قدم نسكاً قبل نسك، وأي شيء حديث ابن عباس ﵄؟
قال أحمد: من نسي فقدم شيئاً قبل شيء فليس عليه شيء، وحديث ابن عباس ﵄: أنه ترك من مناسكه شيئاً، وإن حلق قبل أن يرمي على السهو فليس عليه شيء.