للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال إسحاق: كما قال، إلا أن المذهب، كما قال ابن عباس : فمن نسي أو ترك، حتى فات فعليه دم، وليس هذا بمخالف لما قدم شيئا قبل شيء، لأنه قد أتى على كله».

وانظر بعض أقوال السلف في ذلك: ما أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (٣٨٥ - ٣٨٨ - مسند ابن عباس).

• وقد اختلف الفقهاء في استعمال أثر ابن عباس في إيجاب الدم على من ترك شيئا من نسكه أو نسيه، ومن ذلك مثلا: ما ذكره ابن عبد البر أن مالكا خالف جمهور الفقهاء فأوجب الدم على من نسي ركعتي الطواف حتى رجع إلى بلده، وفي المقابل: فإن مالكا لا يرى على من نسي طواف الوداع أو تركه دما، وهو من النسك عند جميعهم [التمهيد (٢٤/ ٤١٥)]

قلت: وإنما يكون ذلك فيمن ترك واجبا من واجبات الحج، ولم يمكنه فعله في الوقت كالإحرام من الميقات، والمبيت بمزدلفة ومنى، ورمي الجمار، وطواف الوداع، والله أعلم.

تنبيه: وقع في البدر المنير (٦/ ٩١): «عن ابن عباس موقوفا عليه، ومرفوعا: «من ترك نسكا فعليه دم».

قال ابن الملقن: هذا الحديث لا أعلم من رواه مرفوعا بعد البحث عنه، ووقفه عليه هو الذي نعرفه عن ابن عباس، كذلك رواه إمام دار الهجرة مالك في موطئه، عن أيوب، … »، فذكره. [وانظر فيمن وهم في رفعه: اللسان (١/ ٥٣٨)].

مسألة:

قال ابن عبد البر في التمهيد (١٥/ ١٤٧): «واختلف الفقهاء في الرجل المريد للحج والعمرة يجاوز ميقات بلده إلى ميقات آخر أقرب إلى مكة، مثل: أن يترك أهل المدينة الإحرام من ذي الحليفة حتى يحرموا من الجحفة، فتحصيل مذهب مالك: أن من فعل ذلك فعليه دم، وقد اختلف في ذلك أصحاب مالك، فمنهم من أوجب الدم، ومنهم من أسقطه، وأصحاب الشافعي على إيجاب الدم في ذلك، وهو قول الثوري والليث بن سعد، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لو أحرم المدني من ميقاته كان أحب إليهم؛ فإن لم يفعل وأحرم من الجحفة فلا شيء عليه، وهو قول الأوزاعي وأبي ثور، وكره أحمد بن حنبل وإسحاق مجاوزة ذي الحليفة إلى الجحفة، ولم يوجبا الدم في ذلك، وقد روي عن عائشة أنها كانت إذا أرادت الحج أحرمت من ذي الحليفة، وإذا أرادت العمرة أحرمت من الجحفة.

وقال ابن القاسم: قال لي مالك: كل من مر بميقات ليس هو له بميقات فليحرم منه، مثل أن يمر أهل الشام وأهل مصر من العراق قادمين فعليهم أن يهلوا من ذات عرق ميقات أهل العراق، وكذلك إن قدموا من اليمن أهلوا من يلملم، وإن قدموا من نجد فمن قرن، وكذلك جميع أهل العراق ومن مر منهم بميقات ليس له فليهل من ميقات أهل ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>