العلم: على أنه مر بميقاته لا يريد إحراماً، ثم بدا له فأهل منه، أو جاء إلى الفرع من مكة أو غيرها، ثم بدا له في الإحرام، هكذا ذكر الشافعي وغيره في معنى حديث ابن عمر هذا، ومعلوم أن ابن عمر روى حديث المواقيت، ومحال أن يتعدى ذلك مع علمه به، فيوجب على نفسه دماً، هذا لا يظنه عالم، والله أعلم».
وأما من مر بالميقات يريد حجاً أو عمرة فجاوزه غير محرم، ثم أحرم دونه:
١ - روى الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشَّعْثاء؛ أنه رأى ابن عباس ﵁ يردُّ من جاوز المواقيت غير مُحْرم.
أخرجه الشافعي في الأم (٣/ ٣٤٥/ ١٠١٦)، وفي المسند (١١٦)، ومن طريقه: البيهقي في السنن (٥/٣٠)، وفي المعرفة (٧/ ١٠٠/ ٩٤٣٢) و (٧/ ٣٨٣/ ١٠٤٢٦). [الإتحاف (٧/٣٣/٧٢٦٨)].
وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح على شرط الشيخين.
٢ - ورواه إسماعيل بن عُلَيَّة، عن أيوب، عن عمرو بن دينار، عن جابر [هو: أبو الشَّعْثاء]، قال: بصر عيني رأيت ابن عباس يردُّهم إلى المواقيت.
أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ٢٧٩/ ١٤١٨٤).
وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح على شرط مسلم.
٣ - ورواه وكيع بن الجراح، عن سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس، أنه كان يردُّهم إلى المواقيت، الذين يدخلون مكة بغير إحرام.
أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ٢٧٨/ ١٤١٨٢).
وهذا إسناد صحيح إلى حبيب بن أبي ثابت، وهو ممن سمع من ابن عباس، لكنه كثيراً ما يروي عنه بواسطة، ولم يذكر هنا سماعاً، وهو معدود في المدلسين، فقد روى أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، قال: قال لي حبيب بن أبي ثابت: «لو أن رجلاً حدثني عنك، ما باليت أن أرويه عنك»، وقد وصفه بالتدليس: ابن خُزيمة، وقال بعد أن روى قول حبيب هذا في التوحيد: «يريد: لم أبال أن أدلسه»، وظاهر كلامه في صحيحه يدل على أنه لا يحتج بحديث حبيب حتى يصرح بالسماع في كل حديث حديث، ووصفه بالتدليس أيضاً: ابن حبان، والدارقطني، والبيهقي، وقد سبق أن فصلت الكلام عن تدليس حبيب عند الحديث رقم (٥٦٧)، وقد تقدم معنا أيضاً لحبيب حديث القبلة (١٨٠)، وحديث المستحاضة (٢٩٨)، واللذان لم يسمعهما حبيب من عروة بن الزبير [راجع حديث القبلة في فضل الرحيم الودود (٢/ ١٨٠/ ٣٢٠)، وحديث المستحاضة في فضل الرحيم الودود (٣/ ٣٧١/ ٢٩٨)] [وانظر أيضاً في ترجمة حبيب بن أبي ثابت: فضل الرحيم الودود (١٨/ ٣٠٩/ ١٤٩٧)]، والله أعلم.
وهو إسناد صالح في المتابعات، حيث قد توبع عليه.
٤ - وروى عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاووس،