للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ففي إحرام رسول الله من الميقات، وتركه أن يحرم من منزله: دليل على أن تأويل الآية ليس كما تأوله أولئك.

ويؤكد ذلك قوله: «يهل أهل المدينة من ذي الحليفة … الحديث، يأمرهم قبل خروجهم أن يحرموا من مواقيتهم، وقد تأول بعضهم قول من قال: من تمام العمرة أن تحرم من دويرة أهلك: أن المراد به من بين المواقيت وبين مكة، استدلالاً بخبر ابن عباس عن النبي : «ومن كان أهله دونهن فمهله من أهله، وكذلك فكذاك حتى أهل مكة يهلون منها»، فإن كان علي أراد هذا المعنى؛ فهو صحيح موافق خبر ابن عباس، ولا أحسبه أراد غير ذلك، لأنه حاضر مع النبي عام الحديبية، وهو كان كاتب الكتاب، وغير جائز أن يُظَنَّ به غير ذلك، ومما يؤيد أنه لا يجوز أن يُظَنَّ بعلي غير ذلك خبره الذي:

(٦٢٧٦) حدثناه علي بن الحسن: حدثنا يعلى بن عبيد الطنافسي، وأبو نعيم، قالا: حدثنا مسعر، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن أبي عبد الرحمن، قال أبو نعيم: عن علي، وقال يعلى: قال علي: إذا حدثتم عن رسول الله بشيء فظنوا به الذي هو أهدى، والذي هو أهيأ، والذي هو أتقى.

فإذا كان علي يأمر فيما يحتمله التأويل أن يُظَنَّ بأخبار رسول الله الذي هو أهدى، فكيف يجوز أن يُظَنَّ به أنه عدل عما رأى النبي يسنه لأمته مرة بعد مرة، وخالفه» [وقد لخص أبو جعفر النحاس كلام ابن المنذر في كتابه الناسخ والمنسوخ (٧٢٧)]

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٥/ ١٤٥): «ومن أقوى الحجج لما ذهب إليه مالك في هذه المسألة: أن رسول الله لم يحرم من بيته بحجته، وأحرم من ميقاته الذي وقته لأمته ، وما فعله فهو الأفضل إن شاء الله.

وكذلك صنع جمهور الصحابة والتابعين بعدهم كانوا يحرمون من مواقيتهم».

وانظر: الاستذكار (٤/٤٠)، التمهيد (١٥/ ١٤٦)، الفروع لابن مفلح (٥/ ٣١٥).

وما روي مرفوعاً في هذا المعنى؛ فلا يثبت:

فقد روى الهياج بن بسطام الحنظلي [ضعيف، تركه جماعة. التهذيب (١٤/ ١٠٦ - ط دار البر)]، وعبد الرحيم بن سليمان [ثقة حافظ]:

عن واصل بن السائب الرقاشي، عن أبي سورة، عن عمه أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله : «ليستمتع أحدكم بحله ما استطاع، فإنه لا يدري ما يعرض في إحرامه».

أخرجه أبو يعلى في المسند [عزاه إليه ابن قدامة في المغني (٣/ ٢٥١)، وابن كثير في جامع المسانيد (٩/ ١٠٨/ ١١٤٧٤)]. والبيهقي في السنن (٥/٣٠) (٩/ ٣٨٢/ ٩٠٠٣ - ط هجر).

<<  <  ج: ص:  >  >>