أو أن ابن لهيعة دخل له حديث في حديث، وانتقل بصره بسبب الاتفاق في اسم الراوي واسم أبيه مع ابن أبي صعصعة، والله أعلم.
والحاصل: فإن حديث أم سلمة في فضل الإهلال من المسجد الأقصى: حديث منكر؛ مداره على مجهولين، أم حكيم حكيمة بنت أمية، ويحيى بن أبي سفيان الأخنسي، ولا يحتمل منهما الانفراد بأصل يخالف ما ثبت في حديث ابن عمر وحديث ابن عباس المتفق عليهما في توقيت المواقيت، وأن لكل ناحية من نواحي الأرض باتجاه مكة ميقات يخصها، فلأهل المدينة ذو الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن، ولأهل اليمن يلملم، فيحرم القادم من أهل كل جهة من ميقاته الذي عينه له النبي ﷺ، لا من قبله، والله أعلم.
كما أن مثل هذا الفضل العظيم المترتب على عمل فيه مشقة كبيرة يحتاج إلى إسناد صحيح رجاله ثقات يحمله وتطمئن النفس إلى ثبوته.
• قال البخاري في التاريخ الكبير بعد هذا الحديث منكراً إياه: «ولا يتابع في هذا الحديث، لما وَقَّتَ النبي ﷺ ذا الحليفة والجحفة، واختار أن أهل النبي ﷺ من ذي الحليفة».
• وقال الدارقطني في العلل (١٥/ ٢٥٤/ ٤٠٠٢): «يرويه محمد بن إسحاق، واختلف عنه:
فرواه إبراهيم بن سعد، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى: عن ابن إسحاق، عن سليمان بن سحيم، عن يحيى بن أبي سفيان الأخنسي، عن أمه أم حكيم، عن أم سلمة.
وقال أحمد بن خالد الوهبي: عن ابن إسحاق، عن يحيى بن أبي سفيان، عن أم حكيم، ولم يذكر سليمان بن سحيم.
ورواه الدراوردي، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يحنس، عن يحيى بن أبي سفيان، عن جدته حكيمة، عن أم سلمة.
وكذلك قال ابن أبي فديك، ولعل اسمها حكيمة، تكنى أم حكيم».
وقال ابن حزم في المحلى (٥/ ٦٠): «أما هذان الأثران: فلا يشتغل بهما من له أدنى علم بالحديث؛ لأن يحيى بن أبي سفيان الأخنسي، وجدته حكيمة، وأم حكيم بنت أمية: لا يُدْرَى من هم من الناس؟ ولا يجوز مخالفة ما صح بيقين بمثل هذه المجهولات التي لم تصح قط».
قال ابن الملقن في البدر المنير (٦/ ٩٥) متعقباً ابن حزم: «ومقتضاه أن أم حكيم غير حكيمة وهي هي؛ فإنها أم حكيم حكيمة بنت أمية بن الأخنس بن عبيد جدة يحيى بن أبي سفيان، وقيل: أمه، وقيل: خالته، … ».
وقال ابن قدامة في المغني (٣/ ٢٥١): «حديث الإحرام من بيت المقدس فيه: ضعف».