للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أنس بن مالك أنه كان يحرم منه. وفي أسانيد هذه الأحاديث المرفوعة مقال».

• قلت: هكذا أنكر ابن سيرين، وطاووس، وأبو الشعثاء، وابن جريج، أن يكون النبي هو الذي وقت ذات عرق؛ إذ لم يكن يومئذ عراق، وإنما وقع التوقيت في عهد عمر؛ كما ثبت ذلك من حديث نافع عن ابن عمر؛ ووقع الإنكار أيضاً في رواية: سفيان الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، وفي رواية: مسعر بن كدام، عن وبرة، عن ابن عمر، وفي رواية: صدقة بن يسار عن ابن عمر، بعدما ذكر المواقيت، سأله رجل: فلأهل العراق؟ يعني: ماذا وقت رسول الله لأهل العراق، فقال ابن عمر: لم يكن عراق يومئذ. وفي رواية مسعر بن كدام، عن وبرة، عن ابن عمر، … ، قال: فذكرت له العراق، فقال: لم يكن يومئذ كوفة ولا بصرة. وفي رواية هشيم بن بشير، عن يحيى بن سعيد، وعبيد الله بن عمر، وابن عون، وغير واحد، عن نافع، عن ابن عمر؛ بعدما ذكر المواقيت، قال: وقال ابن عمر: وقاس الناس ذات عرق بقرن. وتقدم تخريجها جميعاً عند الحديث السابق برقم (١٧٣٧).

قال ابن حجر في الفتح (٣/ ٣٩٠): لكن يظهر لي أن مراد من قال: لم يكن العراق يومئذ؛ أي: لم يكن في تلك الجهة ناس مسلمون، والسبب في قول ابن عمر ذلك: أنه روى الحديث بلفظ: أن رجلاً قال يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل؟ فأجابه، وكل جهة عينها في حديث ابن عمر كان من قبلها ناس مسلمون بخلاف المشرق، والله أعلم.

فإن قيل: قد جزم بأن النبي هو الذي وقت ذات عرق: عروة، وقتادة، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وهو من أعلم الناس بالمناسك؛ فيقال: يخفى على العالم ما يخفى على الصحابي، فإن كان قد خفي شيء من العلم على أكابر الصحابة وعلمائهم، مثل: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وأبي طلحة، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وأبي موسى الأشعري وأبي هريرة، وعائشة، وغيرهم، فمن باب أولى أن يخفى على علماء التابعين شيء من العلم، ولعل سببه أن الأصل في توقيت المواقيت الرفع؛ فغلب على ظنهم أن توقيت ذات عرق لم يكن اجتهاداً من عمر، وإنما كان من النبي ، والله أعلم.

• قال الشافعي في الأم (٣/ ٥١٩): «ومن سلك على غير المواقيت براً أو بحراً أهل إذا حاذى المواقيت، ويتأخر حتى يهل من جدر وفي نسخة: حذو المواقيت أو من ورائه، ولا بأس أن يهل أحد من وراء المواقيت؛ إلا أنه لا يمر بالميقات إلا محرماً، فإن ترك الإحرام حتى يجاوز الميقات رجع إليه؛ فإن لم يرجع إليه أهراق دماً».

وقال ابن المنذر في الإقناع (١/ ٢٠٤): «ويحرم أهل العراق من ذات عرق، لأنها بإزاء قرن، واتباعاً لعمر وغيره من الصحابة، ومن مر على غير المواقيت أحرم إذا حاذى الميقات الذي يقرب منه، ولا أحب أن يحرم قبل الميقات، والإحرام من الميقات أفضل، ومن مر بذي الحليفة فلم يحرم منها وأحرم من الجحفة فلا شيء عليه، ومن مر بالميقات

<<  <  ج: ص:  >  >>