وهو يريد الحج أو العمرة فلم يحرم حتى رجع إلى الميقات، فإن لم يفعل وأحرم فعليه دم، وميقات كل من أهله دون المواقيت مما يلي مكة مكانه حتى أهل مكة يهلون منها».
وقال الخطابي في المعالم (٢/ ١٤٨): «الحديث في العقيق أثبت منه في ذات عرق، والصحيح منه: أن عمر بن الخطاب وقتها لأهل العراق بعد أن فتحت العراق، وكان ذلك في التقدير على موازاة قرن لأهل نجد، وكان الشافعي يستحب أن يحرم أهل العراق من العقيق؛ فإن أحرموا من ذات عرق أجزأهم، وقد تابع الناس في ذلك عمر بن الخطاب إلى زماننا هذا».
وقال البغوي في شرح السنة (٧/٣٩): «والصحيح: أن النبي ﷺ لم يوقت لهم شيئا، يروى ذلك عن طاووس وأبي الشعثاء، لأن فتح العراق كان بعد الرسول ﷺ، فاتخذ الناس ذات عرق ميقاتا.
والصحيح: أن عمر بن الخطاب حدها لهم على موازاة قرن لأهل نجد».
• وقد ذهب جماعة إلى تصحيح حديث جابر وعائشة والحارث بن عمرو في توقيت النبي ﷺ ذات عرق، وأن عمر لم يبلغه ذلك، فحد لهم ذات عرق؛ فوافق تحديده توقيت رسول الله ﷺ، منهم: الطحاوي، وتبعه على ذلك جماعة، منهم: ابن بطال، وابن عبد البر، وتردد البيهقي في المعرفة.
وانظر: شرح المعاني (٢/ ١١٧ - ١١٩)، شرح ابن بطال على صحيح البخاري (٤/ ١٩٩)، الحاوي للماوردي (٤/ ٦٨)، المعرفة (٧/ ٩٦)، التمهيد (١٥/ ١٤١)(٩/ ٤٠٧ - ط (الفرقان)، الاستذكار (٤/٣٨)، البيان للعمراني (٤/ ١٠٨)، شرح مشكل الوسيط (٣/ ٣١٣)، التوضيح لابن الملقن (٢٦/ ٣٠٥)، طرح التثريب (٥/١٣)، مجمع الزوائد للهيثمي (٣/ ٥٩٠) و (٩/ ٦٦٩)، فتح الباري لابن حجر (٣/ ٣٨٧ و ٣٩٠)(٩/ ٥٩٧)، الدراية (٢/٦).
• ومما يجدر التنبيه إليه في هذا الموطن:
أنه لا ينبغي لطالب العلم أن يغتر بظاهر السند، فيسرع إلى تصحيح الحديث اعتمادا على ثقة رجاله، فإنك إذا جمعت: حديث ميمون بن مهران عن ابن عمر، إلى حديث جابر، إلى حديث عائشة، إلى حديث الحارث بن عمرو السهمي، وجدتها في الجملة يقوي بعضها بعضا في ميقات ذات عرق، وأنه من توقيت النبي ﷺ.
لكن من الصحابة والتابعين من أنكروا ذلك، مثل: عبد الله بن عمر، ومثل: محمد بن سيرين، وطاووس، وأبي الشعثاء، وابن جريج، وتبعهم على ذلك الحفاظ الكبار؛ مثل: مالك، والشافعي، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وابن خزيمة، وابن المنذر، وغيرهم، حيث نظروا إلى معاني أخرى تقدح في ثبوت هذه الأحاديث التي لا يخلو كل واحد منها من علة خفية، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
وقد ضربنا على ذلك مثالا سابقا في عدم الاعتداد بظاهر الأسانيد دون الأخذ بعمل