المديني، ويحيى بن معين، والبزار، والبيهقي، وابن عبد البر، وقال خالد وشعبة:«أحاديث محمد بن سيرين عن ابن عباس: إنما سمعها محمد من عكرمة، لقيه أيام المختار، ولم يسمع ابن سيرين من ابن عباس شيئاً» [الطبقات الكبرى (٧/ ١٩٤)، تاريخ ابن معين للدوري (٤/ ٢٠٣/ ٣٩٦٠) و (٤/ ٢٢٠/ ٤٠٥٥)، سؤالات ابن محرز (٦٠١ و ٦٧٧)، علل ابن المديني (٧٩)، العلل ومعرفة الرجال (١/ ٤٨٧/ ١١٢٣) و (٢/ ٥٣٤/ ٣٥٢٦)، مسائل صالح (٩١٢)، مسائل حرب الكرماني (٣/ ١٢٤٧)، المراسيل (٦٧٩ - ٦٨١)، تاريخ بغداد (٣/ ٢٨٣ - ط الغرب)، جامع التحصيل (٦٨٣)، تحفة التحصيل (٢٧٧)، التهذيب (٧/ ٢٠٠)، الفتح (٩/ ٤٥٦)].
وإذا علمنا الواسطة، وأنه ثقة، وليس في المتن ما يستنكر، مع العلم بشدة احتياط ابن سيرين في الرواية، وأنه كان لا يأخذ إلا عن ثقة، قال ابن عبد البر في التمهيد (٨/ ٣٠١): «أجمع أهل العلم بالحديث: أن ابن سيرين أصح التابعين مراسل، وأنه كان لا يروي ولا يأخذ إلا عن ثقة، وأن مراسله صحاح كلها؛ ليس كالحسن وعطاء في ذلك، والله أعلم».
وعليه فإن هذا من صحيح حديثه، وروايته هنا مقبولة [انظر: صحيح البخاري (٥٤٠٤ و ٥٤٠٥)، فضل الرحيم الودود (٢/ ٣٨٥/ ١٩٠)].
فهو صحيح موقوف على ابن عباس قوله، والله أعلم.
وفيه أن ابن عباس بيّن أن ذات عرق هي بحذاء قرن في المسافة فيما بين كل منهما وبين مكة، ولما سئل ابن عباس - وهو راوي حديث المواقيت - وليس في حديثه ذكر ميقات لأهل العراق سوى أن يعرجوا على قرن - أخبرهم بأن ذات عرق بإزاء قرن، فيكون بذلك قد أفتى بقول عمر، لا أنه أنشأ ميقاتاً من قبل نفسه، والله أعلم. قال أبو عبيد:«قوله: حذو، ووزان بمعنى واحد، وإنما أراد أنها محاذيتها فيما بين كل واحدة منهما وبين مكة، يقول: فمن أحرم من ذات عرق كان بمنزلة من أحرم من قرن؛ لأن الحديث عن النبي ﵇ في قرن أثبت منه في ذات عرق، فأخبر ابن عباس أن هذا بمنزلة ذاك، فهو موازنه، وهو مأخوذ من الوزن أي على وزنه».
• قلت: فإن قيل: ألا يقال قد دخل لهشيم هنا حديث في حديث؟
فإن هشيماً قال: أخبرنا يحيى بن سعيد، وعبيد الله بن عمر، وابن عون، وغير واحد، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رجلاً سأل النبي ﷺ: من أين يحرم؟ قال:«مُهَلُّ أهل المدينة من ذي الحليفة، ومُهَلُّ أهل الشام من الجحفة، ومُهَلُّ أهل اليمن من يلملم، ومُهل أهل نجد من قرن». وقال ابن عمر: وقاس الناس ذات عرق بقرن.
أخرجه أحمد (٢/٣/٤٤٥٥). [تقدم تخريجه في طرق حديث ابن عمر برقم (١٧٣٧)].
أعني: أن هشيماً روى هذا الأثر: عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر، قال: وقاس الناس ذات عرق بقرن. والله أعلم.