وقال ابن حزم في المحلَّى (٦/٨): «وأمّا حديثُ الحارث: فهو عن يحيى بن زرارة عن أبيه، وكلاهما: مجهول، لا يُدرى».
تنبيه: توهَّم بعضُهم، وحسب أن الجد هو الأدنى، كريم بن الحارث، وإنما هو الأعلى الحارث بن عمرو، وبناء على ذلك جَعل الحديث من مسند كريم بن الحارث، وجعل له صحبة، وإنما الصحبة لأبيه الحارث [انظر: معجم الصحابة لأبي القاسم البغوي وابن قانع]، والله أعلم.
كذلك فإن زرارة بن كريم إنما يرويه عن جدّه الحارث، ويرويه عن زرارة ابنه يحيى، وعُتبة بن عبد الملك السهمي.
قلت: يحيى بن زرارة بن كريم بن الحارث بن عمرو السهمي الباهلي: روى عنه جماعة من الثقات الأثبات، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم يوثقه أحد من الأئمة النقاد مع شهرة حديثه من رواية الأثبات عنه، فلماذا أحجموا عن توثيقه؟ وقال ابن حزم:«مجهول»، وقال ابن القطان:«لا يُعرف حاله»، وأعلّ حديثَه البخاري في الفَرع والعَتيرة [الجرح والتعديل (٩/ ١٤٤)، الثقات (٧/ ٦٠٢)، المحلَّى (٦/٨)، التهذيب (١٤/ ٤٢٥ - ط دار البر)].
قلت: كأن بعض النقاد والمحدثين مَشَوا هذا الحديث على أن النبيَّ ﷺ خَيَّر في الفَرَع والعَتيرة إذا كانت لله تعالى خالصة دون آلهتهم، ثم إنه نهى عنها بعد ذلك، وصارت منسوخة، والأشبه عندي ما ذهب إليه البخاري من رد هذا الحديث لمخالفته حديث أبي هريرة المتفق على صحته بإسناد غاية في الصحة، ويأتي ذكره.
قلت: وإسناده ضعيف؛ لجهالة رواته، ونكارة معناه.
• ورواه يعقوب بن إسحاق الحضرمي [صدوق]: حدثني سهل بن حصين الباهلي: حدثني زرارة بن كريم، عن الحارث بن عمرو السهمي؛ أنه أتى رسول الله ﷺ في حجة الوداع، وهو على ناقته العضباء، وكان الحارث رجلاً جسيماً، فنزل إليه الحارث، فدنا منه حتى حاذى وجهه بركبة رسول الله ﷺ، فأهوى نبي الله ﷺ يمسح وجه الحارث، فما زالت نضرة على وجه الحارث حتى هلك، فقال له الحارث: يا نبي الله ادع الله لي، فقال:«اللهم اغفر لنا» … فذكر نحو حديث عبد الوارث.
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٢/ ٤٥٧/ ١٢٥٨)، والطبراني في الكبير (٣/ ٢٦٢/ ٣٣٥٢)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (٢/ ٧٨٣/ ٢٠٨٠)، وإسماعيل الأصبهاني في دلائل النبوة (٢٧٠).
• خولف في إسناده يعقوب:
فقد رواه موسى بن إسماعيل [ثقة ثبت]، والعلاء بن عبد الجبار [ثقة]:
نا سهل بن حصين [ابن مسلم الباهلي]، عن عبد الله بن الحارث، عن أبيه؛ أنه رأى رسول الله ﷺ في حجة الوداع وحضره أعراب، فقال: قلت يا رسول الله! ادع الله لي،