قال مسلم في التمييز (٢١٤): «فأما الأحاديث التي ذكرناها من قبل: أن النبي ﷺ وقت لأهل العراق ذات عرق؛ فليس منها واحد يثبت، وذلك: أن ابن جريج قال في حديث أبي الزبير، عن جابر. فأما رواية: المعافي بن عمران، عن أفلح، عن القاسم، عن عائشة: فليس بمستفيض عن المعافي، إنما روى هشام بن بهرام، وهو شيخ من الشيوخ، ولا يُقرُّ الحديث بمثله إذا تفرد، وأما حديث يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن علي، عن ابن عباس؛ فيزيد هو ممن قد اتقى حديثه الناس والاحتجاج بخبره إذا تفرد؛ للذين اعتبروا عليه من سوء الحفظ والمتون في رواياته التي يرويها، ومحمد بن علي لا يُعلم له سماع من ابن عباس، ولا أنه لقيه أو رآه، وأما رواية جعفر عن ميمون بن مهران عن ابن عمر: فلم يُحكم حفظه؛ لأن فيه: «لأهل الطائف قرناً»، وفي رواية سالم ونافع وابن دينار:«ولأهل نجد قرناً»، وميزوا في رواياتهم لأهل اليمن؛ أن ابن عمر لم يسمع ذلك من النبي ﷺ، وفي رواية ميمون جعل لأهل المشرق ذات عرق، وسالم ونافع وابن دينار كل واحد منهم أولى بالصحيح عن ابن عمر من ميمون، الذي لم يسمعه من ابن عمر».
ثم أسند حديثاً مرسلاً عن عكرمة، ليس فيه ذات عرق، يستشهد به.
• قال مسلم في التمييز (٩٦): حدثني محمد بن علي بن شقيق [مروزي ثقة]، قال: سمعت أبي [علي بن الحسن بن شقيق المروزي: ثقة حافظ]: أنبأ عبد الله بن المبارك [ثقة حجة، إمام فقيه]: ثنا يحيى بن ميسر [قلت: تحرف عن: يحيى بن بشر الخراساني، وهو: ثقة. تاريخ ابن معين للدوري (٤/ ٣٥٧/ ٤٧٦٨)، العلل ومعرفة الرجال (٢/ ٥٤٤/ ٣٥٨٣) و (٣/٢١/٣٩٧٠)]، عن عكرمة، قال: وقت رسول الله ﷺ لأهل المدينة وغيرهم إذا أراد أن يحج أو يعتمر ألا يجاوز ذا الحليفة إلا حراماً، ووقت لأهل الشام الجحفة، ومن مر بها من غيرهم أن لا يجاوزها إلا حراماً إلا أن يحرم، … » وساقه.
وهذا مرسل بإسناد صحيح.
قلت: خالفه فوهم بوصله:
أحمد بن محمد: حدثنا عبد الله، سمع يحيى بن بشر، سمع عكرمة، عن ابن عباس؛ وقت النبي ﷺ لأهل العراق: قرن المنازل، أو حذاءه.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (٨/ ٢٦٣).
قلت: شيخ البخاري؛ أحمد بن محمد بن موسى أبو العباس المروزي السمسار، المعروف بمردويه: لا بأس به [التعديل والتجريح (١/ ٣١٩)، المعلم بشيوخ البخاري ومسلم (١٤)، أسامي شيوخ البخاري (٣١)، إكمال مغلطاي (١/ ١٤٠)، التهذيب (١/ ١٩٧ - ط دار البر)]، وقد وهم بوصله، والصواب ما رواه علي بن الحسن بن شقيق، وهو: ثقة حافظ، وقد أرسله، وإنما يُعرف هذا من قول ابن عباس موقوفاً عليه، من رواية ابن سيرين عنه، وسيأتي قريباً.
• قلت: يعني مسلم بكلامه في التمييز عن حديث جابر: أن ابن جريج روى هذا