قال ابن عدي:«قال لنا ابن صاعد: كان أحمد بن حنبل ينكر هذا الحديث مع غيره على أفلح بن حميد، فقيل له: يروي عنه غير المعافى؟ فقال: المعافى بن عمران ثقة».
قال ابن عدي:«وأفلح بن حميد أشهر من ذاك، وقد حدث عنه ثقات الناس، مثل: ابن أبي زائدة، ووكيع، وابن وهب، وآخرهم القعنبي، وهو عندي صالح، وأحاديثه أرجو أن تكون مستقيمة كلها، وهذا الحديث ينفرد به معاف عنه».
قال ابن عدي:«وإنكار أحمد على أفلح في هذا الحديث قوله: ولأهل العراق ذات عرق، ولم ينكر الباقي من إسناده ومتنه شيئاً».
وقد أنكر مسلم هذا الحديث أيضاً، فقال في التمييز (٢١٤): «فأما الأحاديث التي ذكرناها من قبل: أن النبي ﷺ وقت لأهل العراق ذات عرق؛ فليس منها واحد يثبت، … ، فأما رواية: المعافي بن عمران عن أفلح عن القاسم، عن عائشة: فليس بمستفيض عن المعافى، إنما روى هشام بن بهرام، وهو شيخ من الشيوخ، ولا يَقَرُّ الحديث بمثله إذا تفرد».
وقال أبو المطرف عبد الرحمن بن مروان القنازعي في تفسير الموطأ (٢/ ٦٠٧): «قلت له [يعني: لشيخه أبي محمد، وهو عبد الله بن محمد بن عثمان بن سعيد القرطبي، قال ابن الفرضي: «كان ضابطاً لكتبه، صدوقاً في روايته، ثقة في نقله»، وقال الذهبي:«كان محدثاً ضابطاً ثقة». تاريخ علماء الأندلس (٧٠٧)، تاريخ الإسلام (٨/ ٢٢٨)]: فحديث المعافى بن عمران عن أفلح بن حميد، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، أنها قالت: وقت رسول الله ﷺ لأهل العراق ذات عرق؟، فقال لي: الصحيح في هذا توقيت عمر لأهل العراق ذات عرق في أيامه افتتح العراق».
قلت: هذا إسناد مدني، ثم موصلي، تفرد به عن القاسم بن محمد بن أبي بكر المدني الفقيه المشهور دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم أفلح بن حميد الأنصاري المدني، وهو: ثقة، قال فيه النسائي:«ليس به بأس»، مما يدل على أن له أوهاماً تنزله عن رتبة الثقات، فلم يبعد عن قول أحمد كثيراً، وتفرد به عن أفلح: المعافى بن عمران الموصلي، وهو ثقة فقيه، ثم اشتهر الحديث عنه بعد ذلك، لكنها ليست بالشهرة المعتادة؛ فإن مسلماً طعن في الحديث بعدم شهرته عن المعافى، وأنه قد تفرد به عنه: هشام بن بهرام المدائني، وهذا يدل على أن هذا الحديث لم يشتهر عند المحدثين الكبار شهرة تطمئن بها النفس إلى ثبوته، وأن مسلماً قد روى عن جماعة ممن أخذ عن المعافى؛ فلم يجد هذا الحديث عندهم؛ فأطلق هذا الإطلاق.
وقد أنكر أحمد هذا الحديث على أفلح بن حميد حيث زاد في المواقيت على حديث ابن عمر وحديث ابن عباس: ميقات أهل العراق، لذا قال ابن عدي:«وإنكار أحمد على أفلح في هذا الحديث قوله: ولأهل العراق ذات عرق، ولم ينكر الباقي من إسناده ومتنه شيئاً»، قلت: زاد فيه أيضاً: مصر مقرونة مع الشام في الجحفة.