• وروى عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاووس، قال: لا أدري ما يفتى، يهل الرجل من أهله، ومن بعد ما يجاوز إن شاء، ولا يجاوز الميقات إلا حراماً، وهن لمن أتى عليهن من غير أهلهن، ومن كان أهله من دون الميقات أهل من أهله، والله إني لأقول لكم هذا، وما أدري من أين أهل.
وقال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاووس - قال: قال: ولم يسم عمرو القائل؛ إلا أنا نراه ابن عباس -: الرجل يهل من أهله، ومن بعدما يجاوز أين شاء، ولا يجاوز الميقات إلا محرماً.
أخرجه الشافعي في الأم (٣/ ١٠١٥/ ٣٤٥)[مختصراً دون موضع الشاهد في تردد طاووس]. وعبد الرزاق (٥/ ٣٩٨/ ٩٨٩٨ - ط التأصيل)[واللفظ له].
وهذا مقطوع على طاووس بإسناد صحيح، لكنه يحتمل التأويل، والتابعي قد يسند الحديث، وقد يفتي به عند الحاجة دون أن يسنده، فقد أفتى هنا ببعض ما أسنده من حديث ابن عباس مرفوعاً، ولعله وقع اختصار في الرواية فأسقط الراوي ذكر القصة، وسؤال المستفتي، كما يحتمل أن يكون طاووس أراد بقوله: والله إني لأقول لكم هذا، وما أدري من أين أهل؛ ما يتعلق بالفتوى في واقعة حال تحتمل الاجتهاد في المواقيت، وإلا فإنه كان يعرف المواقيت المشهورة الواردة في حديث ابن عباس؛ بدليل قوله هنا: «ولا يجاوز الميقات إلا حراماً، وهن لمن أتى عليهن من غير أهلهن، ومن كان أهله من دون الميقات أهل من أهله، فدل ذلك على معرفته بالمواقيت المكانية، وعلمه بأحكامها.
• قال ابن المنذر في الإشراف (٣/ ١٨١): «واختلفوا فيمن مر بالميقات لا يريد حجاً ولا عمرة، ثم بدا له أن يحرم بعد أن جاوز الميقات فكان مالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد، يقولون: يحرم من مكانه الذي بدا له أن يحرم منه ولا شيء عليه، روي ذلك عن عطاء.
وقال أحمد في الرجل يخرج لحاجة وهو لا يريد الحج فجاوز ذا الحليفة ثم أراد الحج؛ قال: يرجع إلى ذي الحليفة ويحرم، وبنحوه قال إسحاق».
قال أبو بكر ابن المنذر: ظاهر الحديث أولى، وقد أحرم ابن عمر من الفرع».
وقال الخطابي في المعالم (٢/ ١٤٨): وفي قوله: ممن كان يريد الحج والعمرة بيان أن الإحرام من هذه المواقيت إنما يجب على من كان عند مروره بها قاصداً حجاً أو عمرة دون من لم يرد شيئاً منهما، فلو أن مدنياً مر بذي الحليفة وهو لا يريد حجاً ولا عمرة، فسار حتى قرب من الحرم فأراد الحج أو العمرة؛ فإنه يحرم من حيث حضرته النية، ولا يجب عليه دم كما يجب على من خرج من بيته يريد الحج والعمرة فطوى الميقات وأحرم بعدما جاوزه [وانظر أيضاً: أعلام الحديث (٢/ ٨٣٥)].
وقال ابن حزم في المحلى (٥/ ٥٣) مع تشدده في شأن المواقيت: «فمن مر على أحد هذه المواقيت وهو لا يريد حجاً ولا عمرة فليس عليه أن يحرم؛ فإن تجاوزه بقليل أو