وقال ابن المنذر في الإجماع (٢١١) و (٢١٢): «وأجمعوا على سقوط فرض الحج عن الصبي. وأجمعوا على أن المجنون إذا حُج به ثم صحّ، أو حُج بالصبي ثم بلغ، أن ذلك لا يُجزئهما عن حجة الإسلام».
وقال في الإقناع (١/ ٢٤٠): «وفرض الحج ساقط عمن لم يبلغ، وعن المعتوه حتى يفيق، وعن العبد حتى يعتق، فإن حج صبي قبل أن يبلغ، أو حج عبد قبل أن يعتق؛ فعليهما حجة الإسلام إذا بلغ الصبي أو أعتق العبد، وإذا أحرم الصبي الذي لم يبلغ والعبد، ثم بلغ الصبي وأعتق العبد، قبل عرفة لم يجزئهما عن حجة الإسلام».
وقال الطحاوي في شرح المعاني (٢/ ٢٥٦): «ذهب قوم إلى أن الصبي إذا حج قبل بلوغه أجزأه ذلك من حجة الإسلام، ولم يكن عليه أن يحج بعد ذلك بعد بلوغه، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث. وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: لا يجزيه من حجة الإسلام، وعليه بعد بلوغه حجة أخرى. وكان من الحجة لهم عندنا على أهل المقالة الأولى: أن هذا الحديث إنما فيه: أن رسول الله ﷺ أخبر أن للصبي حجاً، وهذا مما قد أجمع الناس جميعاً عليه، ولم يختلفوا أن للصبي حجاً؛ كما أن له صلاة، وليست تلك الصلاة بفريضة عليه. فكذلك أيضاً قد يجوز أن يكون له حج، وليس ذلك الحج بفريضة عليه، وإنما هذا الحديث حجة على من زعم أنه لا حج للصبي. فأما من يقول: إن له حجاً وإنه غير فريضة؛ فلم يخالف شيئاً من هذا الحديث، وإنما خالف تأويل مخالفه خاصة. وهذا ابن عباس ﵄ هو الذي روى هذا الحديث عن رسول الله ﷺ ثم قد صرف هو حج الصبي إلى غير الفريضة، وأنه لا يجزيه بعد بلوغه من حجة الإسلام»، ثم استدل بأثر أبي السفر عن ابن عباس الموقوف.
وقال الخطابي في المعالم (٢/ ١٤٦): «إنما كان له من ناحية الفضيلة دون أن يكون ذلك محسوباً عن فرضه لو بقي حتى يبلغ ويدرك مدرك الرجال، وهذا كالصلاة يؤمر بها إذا أطاقها وهي غير واجبة عليه وجوب فرض، ولكن يكتب له أجرها تفضيلاً من الله، ويكتب لمن يأمره بها ومن شده إليها أجر».
وقال أبو المطرف القنازعي في تفسير الموطأ (٢/ ٦٧٣): «يريد ﷺ بقوله: «نعم»، أي: إنه يؤجر الصبي على حجه كما يؤجر في صدقته إذا تصدق بها، وعلى زكاة ماله التي تؤخذ منه إذا وجبت عليه، وعلى وصيته التي يوصي بها قبل بلوغه فتخرج عنه بعد موته.
ومعنى قوله للمرأة:«ولك أجر»، يعني: أنها تؤجر فيما تمونته من معاونتها له على أعمال الحج، غير أن فرض الحج باق عليه إذا بلغ، وكان من أهل الاستطاعة، وذلك أن ببلوغ الحلم من الصبيان، والحيض من النساء تلزمهم الفرائض، … » إلى آخر كلامه.
وقال الماوردي في الحاوي (٤/ ٢٠٦): «أما إحرام الصبي: فصحيح؛ فإن كان مراهقاً صح إحرامه بنفسه، وإن كان طفلاً أحرم عنه وليه، وكان إحرامه للصبي شرعياً، وإن فعل الصبي ما يوجب الفدية لزمته الفدية. وقال أبو حنيفة: إحرام الصبي غير منعقد، ولا