للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فدية عليه فيما يفعله من المحظورات، تعلقاً بقوله : «رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يبلغ»، ولأن كل من لم يلزم الحج بقوله لم يلزمه بفعله كالمجنون، ولأنها عبادة عن البدن فوجب أن لا ينوب الكبير فيها عن الصغير كالصوم والصلاة.

ودليلنا: رواية الشافعي، عن مالك، عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس؛ أن رسول الله مر بامرأة وهي في محفتها، فقيل لها: هذا رسول الله، فأخذت بعضد صبي كان معها، وقالت: ألهذا حج؟ قال: «نعم ولك أجر»، … » ثم أطال في الرد على أبي حنيفة.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١/ ٢٧٠ - ط الفرقان): «في هذا الحديث من الفقه أمور منها: الحج بالصبيان الصغار، وقد اختلف العلماء في ذلك، فأجازه مالك، والشافعي، وسائر فقهاء الحجاز من أصحابهما وغيرهم، وأجازه الثوري، وأبو حنيفة، وسائر فقهاء الكوفيين وأجازه الأوزاعي، والليث بن سعد فيمن سلك سبيلهما من أهل الشام ومصر، وكل من ذكرناه: يستحب الحج بالصبيان، ويأمر به، ويستحسنه، وعلى ذلك جمهور العلماء من كل قرن.

وقالت طائفة: لا يُحج بالصبيان، وهو قول لا يُشتغل به، ولا يُعرج عليه؛ لأن النبي حج بأغيلمة بني عبد المطلب، وحج السلف بصبيانهم، وقال في الصبي: «له حج»، وللذي يُحجه أجر، يعني بمعونته له، وقيامه في ذلك به، فسقط كل ما خالف هذا من القول، وبالله التوفيق».

وقد أطال ابن عبد البر النفس في بيان أن الصبي تكتب حسناته ويؤجر عليها، بخلاف السيئات، وأن حجه لا يجزئه عن حجة الإسلام إذا بلغ [انظر: التمهيد (١/ ٢٧٣)].

وقال في الاستذكار (٤/ ٣٩٨): «وأجمع العلماء أن من حَجَّ صغيراً قبل البلوغ، أو حج به طفلاً ثم بلغ؛ لم يجزه ذلك عن حجة الإسلام».

وقد تتابع الناس بعدهم على بيان هذا المعنى، فنكتفي بهذا القدر من النقول.

ومما جاء في حج الصبيان على عهد رسول الله :

١ - روى حاتم بن إسماعيل [مدني، صدوق]، ويحيى بن راشد [المازني البصري: ضعيف]، وغيرهما:

عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد، قال: حج بي [أبي] مع رسول الله في حجة الوداع، وأنا ابن سبع سنين.

أخرجه البخاري في الصحيح (١٨٥٨)، وفي التاريخ الكبير (٤/ ١٥٠)، وفي التاريخ الأوسط (١/ ١٠٠٧/ ٢١١)، والترمذي (٩٢٦ و ٢١٦١)، والحاكم (٣/ ٦٣٧) (٨/ ٢٩٩/ ٦٨٣٢ - ط الميمان)، وأحمد في المسند (٣/ ٤٤٩)، وفي العلل ومعرفة الرجال (٢/ ٢١٨/ ٢٠٦٧) و (٣/ ٢٨٧/ ٥٢٧٦)، وابنه عبد الله في العلل ومعرفة الرجال (٣/ ٢٨٧/ ٥٢٧٧)،

<<  <  ج: ص:  >  >>