وقال ابن حجر في البلوغ (٧١٢): «رواه الدارقطني وصححه الحاكم، والراجح إرساله».
قلت: هذا حديث غريب جداً؛ وهو وهم محض، ولم يخرجه أحد من أصحاب الصحاح والمسانيد والسنن، فكيف يُعرضون عنه مع نظافة إسناده؛ إلا لكونه لم يكن موجوداً عندهم، وإنما حدث الوهم فيه بعدهم، فهو حديث تولد بعد انقضاء القرون الثلاثة الأول، دخل لراويه حديث في حديث، أو قلبه بعد أن كان يرويه الناس عن قتادة عن الحسن مرسلاً، فجعله عن قتادة عن أنس موصولاً.
وكيف يستغني أصحاب المصنفات المشهورة من السنن والمصنفات والمسانيد عن هذا الإسناد النظيف؛ بحديث يرويه: إبراهيم بن يزيد الخوزي، أو عمر بن عطاء بن وراز، أو هلال بن عبد الله أبو هاشم الخراساني، وأمثال هؤلاء من الضعفاء والمتروكين.
• وهذا الحديث إنما يرويه قتادة عن الحسن البصري مرسلاً:
فقد رواه يزيد بن زريع [ثقة ثبت متقن، إليه المنتهى في التثبت بالبصرة، وهو من أثبت الناس في ابن أبي عروبة، وهو المقدَّم فيه على غيره قديم السماع منه، سمع منه قبل الاختلاط]، وجعفر بن عون [كوفي: ثقة]:
ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، قال: بلغنا أن نبي الله ﷺ، قال له قائل، أو رجل: يا رسول الله، ما السبيل إليه؟ قال: «من وجد زاداً وراحلة».
أخرجه ابن جرير الطبري في جامع البيان (٥/ ٦١٣)، والبيهقي في السنن (٤/ ٣٣٠)، وفي الخلافيات (٥/ ١٢٥/ ٣٦٦٤).
قال البيهقي: «هذا هو المحفوظ عن قتادة عن الحسن عن النبي ﷺ مرسلاً، وكذلك رواه يونس بن عبيد عن الحسن، ورواه الشافعي عن عبد الوهاب عن يونس».
• ورواه حماد بن سلمة قال: حدثنا قتادة وحميد عن الحسن؛ أن رجلاً قال: يا رسول الله ما السبيل إليه؟ قال: «الزاد والراحلة».
أخرجه ابن جرير الطبري في جامع البيان (٥/ ٦١٤)، وابن المنذر في التفسير (٧٤٤)، والطحاوي في أحكام القرآن (١١٢٣).
هكذا رواه عن حماد بن سلمة حجاج بن منهال [ثقة، فاضل، من أصحاب حماد بن سلمة، مكثر عنه]، وأبو نعيم الفضل بن دكين [ثقة ثبت].
وهذا مرسل بإسناد صحيح، وهو المحفوظ عن حماد بن سلمة مرسلاً.
• خالفهما فسلك فيه الجادة: أبو أمية عمرو بن هشام الحراني [ثقة]: حدثنا أبو قتادة: حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة عن أنس ﵁، أن رسول الله ﷺ سئل عن قول الله: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ [آل عمران: ٩٧]، فقيل: ما السبيل؟ قال: «الزاد والراحلة».
