للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

غيره، فمرة يقول فيه: عن محمد بن عباد بن جعفر، قال: جلسنا إلى عبد الله بن عمر.

ومرة يقول: عن ابن جريج، عن محمد بن عباد، عن ابن عمر.

ومرة يقول: عن أبي الزبير أو عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله.

والعهدة في هذا كله عليه، لا على غيره؛ فإنه: متروك، منكر الحديث، روى أحاديث باطلة، والدارقطني نفسه ممن ضعفه، وقال فيه: «متروك».

والدليل على قولي بأن الدارقطني أوردها محتجا بها مع وهائها، قول الخطابي في المعالم (٢/ ١٤٤): «وعامة أصحاب الشافعي يحتجون في هذا بما روي عن النبي ؛ أنه سئل عن الاستطاعة، فقال: الزاد والراحلة».

والدارقطني لم يسبقه أحد فيما وصل إلينا في حشد طرق هذا الحديث، وإيراد ما لم يورده غيره، وتقوية بعضها ببعض، مع كونها أباطيل ومناكير وموضوعات، ولم يستنكف من ذلك؛ مع كون من تقدمه من الشافعية منهم من جزم بأنه لا يثبت في هذا الباب حديث، مثل: ابن المنذر حين قال في الإشراف (٣/ ١٧٥): «ولا يثبت في هذا الباب حديث مسند».

قلت: بل سبقه الإمام الشافعي نفسه إلى تضعيف أحاديث الزاد والراحلة، حيث قال في الأم (٣/ ٢٨٨): «قد روي أحاديث عن النبي تدل على ألا يجب المشي على أحد إلى الحج؛ وإن أطاقه، غير أن منها منقطعة، ومنها ما يمتنع أهل العلم بالحديث من تثبيته».

وقد ترتب على فعل الدارقطني ذلك: أن اعتمد الناس بعده هذا الحديث في اشتراط الزاد والراحلة، وإسقاط فرض الحج عمن لا يملك الراحلة، فقال الماوردي في الحاوي (٤/٨): «وروى محمد بن عباد بن جعفر، عن ابن عمر، قال: قام رجل إلى النبي فقال له: ما يوجب الحج؟ فقال: «الزاد والراحلة»، وهذا نص صريح».

وقال القاضي أبو يعلى الفراء في التعليقة الكبيرة (١/ ٥٤): «وروى الدارقطني بإسناده عن ابن مسعود، وابن عمر، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وعائشة، وأنس: أن النبي قيل له: ما السبيل؟ قال: «الزاد والراحلة». اهـ.

وتبعهم على ذلك جمهور المصنفين من الفقهاء بعدهم، ومنهم ابن قدامة في المغني (٥/٩)، حيث قال: «ولنا: أن النبي فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة، فوجب الرجوع إلى تفسيره، فروى الدارقطني بإسناده عن جابر، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأنس، وعائشة ؛ أن النبي سئل ما السبيل؟ قال: «الزاد والراحلة»، … ».

فلو كان الدارقطني بين عللها وضعفها ما احتج بها من جاء بعده.

قال ابن عبد الهادي في الصارم المنكي (٣١): … الدارقطني الذي يجمع في كتابه غرائب السنن، ويكثر فيه من رواية الأحاديث الضعيفة والمنكرة، بل والموضوعة، ويبين علة الحديث، وسبب ضعفه، وإنكاره في بعض المواضع».

<<  <  ج: ص:  >  >>