للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مالك: تخرج مع جماعة من النساء، وقال الشافعي: تخرج مع امرأة حرة مسلمة ثقة من النساء.

قلت: المرأة الحرة المسلمة الثقة التي وصفها الشافعي لا تكون رجلاً ذا حرمة منها، وقد حظر النبي عليها أن تسافر إلا ومعها رجل ذو محرم منها؛ فإباحة الخروج لها في سفر الحج مع عدم الشريطة التي أثبتها النبي خلاف السنة، فإذا كان خروجها مع غير ذي محرم معصية؛ لم يجز إلزامها الحج وهو طاعة بأمر يؤدي إلى معصية.

وعامة أصحاب الشافعي يحتجون في هذا بما روي عن النبي أنه سئل عن الاستطاعة فقال: «الزاد والراحلة»، قالوا: فوجب إذا قدرت المرأة على هذه الاستطاعة أن يلزمها الحج، ويتأولون خبر النهي على الأسفار التي هي متطوعة بها دون السفر الواجب».

وقال في الأعلام (١/ ٦٢٩) معلقاً على حديث ابن أبي ذئب: «وفي الخبر دليل على أن المرأة إذا لم تجد ذا محرم لم يلزمها الخروج إلى الحج».

وقال الطحاوي في شرح المعاني (٢/ ١١٥) بعد حديث عمرة عن عائشة: «فإن الحجة عليهم في ذلك ما قد تواترت به الآثار التي قد ذكرناها عن رسول الله ، فهي حجة على كل من خالفها، فإن قال قائل: إن الحج لم يدخل في السفر الذي نهى عنه في تلك الآثار، فالحجة على ذلك القائل حديث ابن عباس الذي بدأنا بذكره في هذا الباب، إذ يقول: خطب رسول الله فقال: «لا تسافر امرأة إلا مع «محرم»، فقال له رجل: إني أردت أن أحج بامرأتي، وقد اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: «احجج بامرأتك»، فدل ذلك على أنها لا ينبغي لها أن تحج إلا به، ولولا ذلك لقال له رسول الله : وما حاجتها إليك؛ لأنها تخرج مع المسلمين، وأنت فامض لوجهك فيما اكتتبت، ففي ترك النبي أن يأمره بذلك، وأمره أن يحج معها؛ دليل على أنها لا يصلح لها الحج إلا به».

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢١/٥٠): ذهب إلى هذا إبراهيم النخعي، والحسن البصري، وأبو حنيفة، وأصحابه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور.

وقال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن الرجل، هل يكون محرماً لأم امرأته يخرجها إلى الحج؟ فقال: أما في حجة الفريضة فأرجو؛ لأنها تخرج إليها مع النساء ومع كل من أمنته. وأما في غيرها فلا. وكأنه ذهب إلى أنه لم يذكر في القرآن».

قال أبو عمر: «يعني: في قول الله ﷿: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾ الآية كلها.

قال الأثرم: قيل لأحمد فيحج الرجل بأخت امرأته؟ قال: لا؛ لأنها ليست منه بمحرم، لأنها قد تحل له، قيل له: فالأخ من الرضاعة يكون محرماً؟ قال: نعم، قيل له: فيكون الصبي محرماً، قال لا: حتى يحتلم؛ لأنه لا يقوم بنفسه، فكيف تخرج معه امرأة في سفر، لا حتى يحتلم، وتجب عليه الحدود، أو يبلغ خمس عشرة سنة»، ثم ذكر بقية الأقوال في المسألة.

وقد احتج بعضهم على خلاف ما تقدم مما جاء صريحاً في منع المرأة من السفر

<<  <  ج: ص:  >  >>